من أجل “تأديب” إيران فلا بد من تدمير لبنان!
لا بد من أن “تطهّر” النار الإسرائيلية، وبالقرار الأميركي الصريح، المدن والقرى والمزارع والدساكر، النساء والأطفال والشيوخ والشباب، المواسم الزراعية والمواشي والدواجن، في جبل عامل وصيدا وسائر أنحاء الجنوب، والبقاع الغربي وبعض “بلاد بعلبك”، والبداوي في ظاهر طرابلس والناعمة على بوابة بيروت الخ.
لا بد بعد إنجاز الاغتيال من تزوير هوية القاتل واختراع “عدو وهمي” يطارده – أقله باللعنات – أهل المقتول!
لا بد من الفتنة لتغطية الجريمة، كما لاستدرار شكر الضحية، فلولا الرعاية الأميركية والاستجابة الإسرئايلية “النبيلة” لما أمكن إنقاذ الشعب اللبناني الصديق من براثن الاحتلال الإيراني لأرضه وإرادته!!
ولأن المهمة جليلة وتاريخية إلى هذا الحد تهون أمامها التضحيات والخسائر مهما غلت…
حتى لو تم تدمير البيوت التي بنيت بجنى العمر، بمرارات التشرد والكدح ودهر الشقاء في بلاد الغربة…
.. وحتى لو تم مسح كل آثار التمدن والتحضر والتقدم الاجتماعي وارتباط اللبناني بأرضه وتحديه الخطر الذي عايشه حتى توحد به،
وحتى لو تم نسف المدارس والمستشفيات والمستوصفات التي كانت تجسد محاولات للتخفيف من آلام المرضى وعذاباتهم!
المهم أن يخرج “الشيطان” الإيراني من الجسد اللبناني لكي يستعيد عافيته ويعود إلى ممارسة حياته الطبيعية!.
من أجل “تأديب” إيران فلا بد من تدمير لبنان!
لا بد من إعادة تهجير كل أولئك الذين هجروا من قبل مرات عدة، والذين كانوا قد قرروا أن ينغرزوا في أرضهم فلا يغادروها إلا إليها!.
لا بد من تخريب السلام الأهلي وإجهاض مشروع الدولة الذي بدا، ذات يوم، وكأنه مطلب أميركي، وإسرائيلي أيضاً!! بقدر ما هو “لبناني”،
لكأن الدولة والسلام الأهلي والبيوت والمدارس وساحات القرى والمساجد فيها والمستوصفات والدكاكين والسيارات الخ.. لكأن ذلك كله من معطلات المفاوضات العربية – الإسرائيلية الجارية تحت الرعاية الأميركية!.
ولكأن النساء والأطفال والشيوخ، وبعدهم الرجال، هم الذين سدوا الطريق على تلك المفاوضات فكان لا بد من إبادتهم لكي يكمل “السلام” مسيرته المظفرة فترفرف أعلامه ذات النجوم الزرقاء (؟) فوق المنطقة بكاملها!
أتراها “إيران” التي عطلت الجولات العشر السابقات؟!.
أتراها “إيران” التي رفضت تنفيذ قرارات “الشرعية الدولية”، واستكبرت أن تعترف بأنها قوة احتلال في لبنان؟!
وكيف يمكن فك معادلة تقول: إذا أطلق لبناني محتلة أرضه رصاصة على جيش الاحتلال الإسرائيلي فإنه إنما يخرب المفاوضات وينسف مشروع “السلام”، أما إذا أغارت الأساطيل الإسرائيلية، جواً وبحراً، ودكت المدافع الإسرائيلية عشرات المدن والقرى فدمرتها تدميراً، فإنها بذلك توفر ضمانات النجاح للمفاوضات إياها؟!.
لكأن المطلوب أن يذهب العرب جميعاً إلى المفاوضات وهم لا يملكون موسى حلاقة، عراة من أي عنصر قوة، وأن يجيء الإسرائيلي مدججاً بالقنابل الذرية والطائرات الأسرع من الصوت والاصواريخ الأسرع من الطائرات بحيث يكون الطرفان “متكافئين” تماماً بما يكفل نجاح المفاوضات وراعيها الأميركي!!
أكثر من ذلك: على العرب أن يسلموا سلفاً بأن ليست لهم أية حقوق، وأن يرتضوا بما يمكن أن يتكرم به الإسرائيلي كصدقة وحسنة لوجه الله!
فليس للفلسطيني أي حق في فلسطين، لا في قدسها الشريف ولا في أرضها عموماً إلا إذا نجح في “بتر” غزة، والاستقلال بها جزيرة في عرض بحر التيه!.
وليس للبناني “أرض محتلة”، وإلى جهنم قرارات “الشرعية الدولية” وعلى رأسها مجلس الأمن وقراره الشهير 425، وهو ليس مواطناً في دولة مستقلة، بل هو مجرد حارس أجير مهمته حماية أمن المستوطنات الإسرائيلية وكلاب المستوطنين في أصبع الجليل!
وليس للسوريأي دور لا في فلسطين ولا في لبنان، أما الجولان فأرض متنازع عليها والقوة هي التي تحسم وليس الواقع الجغرافي والحدود الدولية والحق التاريخي!
إذا سلم هؤلاء الأطراف بهذه “الوقائع” المحروسة جيداً بالسلاح الإسرائيلي والقرار الأميركي الصريح، فليأتوا إلى المفاوضات تائبين مستغفرين طالبين الصفح، وإلا تم تأديبهم لإخراج “شياطين” الإسلام والعروبة والوطنية وسائر أسلحة “الإرهاب” من أجسادهم لكي تتطهر أرواحهم وتصفو نواياهم…
لكن الأرض تبقى لمن يبقى فيها،
ثم إنها تبقى في مكانها، لا تحترق ولا تندثر ولا يأخذها الطوفان!
ومن يسقط فوقها من أبنائها إنما يستبقيها لأبنائه، أصحابها الذين استحقوها بالدم وبالدم بنوها وبالدم يحفظونها فتحفظهم.