أفضل تلخيص للذي قاله الرئيس أنور السادات، في خطابه مساء أمس أمام مجلس الشعب بالقاهرة، إنه – وبقرار منه – قد أعلن تجميد الموقف لمدة ثلاثة شهور أخرى، على الأقل، لعل وعسى يتحقق الحلم القديم: تتحرك واشنطن فتحسم مع إسرائيل، ويأتيه الحل السحري الذي راهن عليه بالغالي والنفيس!
لا يهم إن كيسنجر قد رسب في بعض مواد الامتحان. لنعطه فرصة أخرى! ولنعط رئيسه فورد المدى الإضافي الذي بعث يطلبه منا في الرياض بواسطة نائبه نلسون روكفلر! وماذا تعني ثلاثة شهورأخرى، بالنسبة لمن خسر حتى الآن خمسة عشر شهراً؟
والرئيس السادات معذور، إلى حد كبير، في موقفه هذا،
إنه لم يعد يملك الكثير من الأوراق للمناورة. والتراجع قد يكون أشد قسوة وصعوبة من الاستمرار على الطريق الوعر ذاته..
ذلك إن التراجع – حتى لو اتخذ شكل العودة إلى جادة الصواب – يعني القيام بدورة كاملة إلى الاتجاه الآخر. وثمة قوة وأطراف وكتل ستعارض وستقاوم، بلا أدنى شك، هذا الإنهاء لدورها ووجودها وانتفاعها بالاتجاه الحالي. ومعارضتها فطرة لأنها، الآن، تشكل السند الأقوى والأكبر للرئيس وسياسته.
صحيح إن ثمة قوى وأطرافاً وكتلاً تضغط من أجل إتمام الدورة العتيدة، وإنها استطاعت – بقوة ضغطها – أن تمنع تقديم مزيد من التنازلات، لكن هذه القوى “المتطرفة” قد تقوم بأي عمل”طائش” إذا ما باتت في موقع المنتصر وأغراها ضعف القيادة بمزيد من الاندفاعات!
لكم هي مكلفة رحلة الثقة بالعزيز هنري!َ
في أي حال، إن ثلاثة شهور مدة كافية – نسبياً – لاتحاد “قرار أساسي وتاريخي” تحدثت عنه أوساط الرئيس السادات بعد فشل كيسنجر وقبل الخطاب،
ففي هذه المدة ستتخذ المنطقة صورتها الجديدة بعد غياب فيصل،
وستعبر إسرائيل، عملياً، عن مدى استفادتها من الشهور السابقة، وهي شهور ضائعة ومهدورة بالنسبة للعرب، لكنها لم تكن كذلك بالنسبة لها،
وستبدو جلية حدود التنسيق الممكن – بعد – مع سوريا والمقاومة الفلسطينية،
أما أميركا فلا يكفيها الزمان كله لتحقيق أحلام أصدقائها الطيبين!. وهي لهذا تستعين، بين حين وآخر، بإسرائيل بإيقاظ أولئك الحالمين… بقوة الزمن العربي والسلام الأميركي!