“بأسناني،
سأحمي كل شبر من ثرى وطني،
بأسناني
ولن أرضى بديلاً عنه
لو علقت من شريان شرياني”
“إنا هنا باقون
“فلتشربوا البحرا
“نحرس ظل التين والزيتون
“ونزرع الأفكار كالخمير في العجين
“ونأكل التراب ولا نرحل
“هنا لنا ماض وحاضر ومستقبل”.
… ولقد اختار توفيق زياد لحظة رحيله إلى داخل أرضه. انزلق من فوقها إلى باطنها ليبقى فيها كالخمير في العجين.
حامل الراية سلم أطفال الانتفاضة رايته التي لم تلطخ بالإلثم، وأنشد الجيل الثالث بعد الألف من الثوار، وأنهى نشيده ثم غاص في أرض فلسطين عميقاً، يبقى فيها ما بقيت، وتبقى في شعره ما بقي الشعر والإنسان الذي يتسلق الشعر إلى الغد الأفضل.
كان توفيق زياد حادي الثوار و”مناديهم” ودليلهم. ولقد كان يفترض أنهم سيأخذونه وفلسطين إلى التحرير فإذا هم ينهون الثورة ويدخلونها فرادى وتحت حراسة الاحتلال. كان يريد أن يكون مثلهم في الحرية فصاروا مثله في معتقله الذي ينفي عنه اسمه ونسبه ولون بشرته.
لكأن غيابه في هذه اللحظة احتجاج على ما جرى ويجري لفلسطين وشعبها، للعرب وأمتهم.
لكأن لقاءه مع “العائد وحيداً” كان للعتاب فحسب،
لكأن اتفاق الخلسة قد أنهى زمن الشعر، فغرق توفيق زياد في كمده، ودخل جنته ليصون العشب فوق قبور أسلافه، وليكون دليلاً للعائدين مع فلسطين وباسم التحرير وليس من دونها وعلى حسابه.
نناديك، توفيق زياد، أيها الذي حمل دمه على كفه وما نكس أعلامه. نحييك أيها الجبين المرتفع في وجه الموت.
ولسوف نودعك الآن لتكتب قصيدتك الأخيرة.
أشد على أياديكم
“أناديكم
“أشد على أياديكم،
“أبوس الأرض تحت نعالكم،
“وأقول: أفديكم،
“وأهديكم ضيا عينيّ،
“ودفء القلب أعطيكم
“فمأساتي التي أحيا
“نصيبي من مآسيكم،
“أناديكم
“أشد على أياديكم
“أنا ما هُنت في وطني
“ولا صغرت أكتافي
“وقفت بوجه ظلامي
“يتيماً عارياً حافي
“حملت دمي على كفي
“وما نكست أعلامي
“وصنت العشب فوق قبور أسلافي
“أناديكم،
“أشد على أيايدمك،