ليس من حق أحد أن يطالب المقاومة الفلسطينية، وفي ظل أي ظرف، بقطع علاقتها مع نظام الحكم القائم في مصر، كائنة ما كانت طبيعة هذا النظام، وحتى عندما يبلغ التمايز بين موقفها وموقفه حد التعارض.
فالكل يعي ويتفهم طبيعة العلاقة الخاصة جداً، والدقيقة جداً، والضرورية جداً بين المقاومة الفلسطينية والحكم في مصر، في ضوء صعوبة الفصل – عملياً – بين مصر وحاكمها وخطورة أن يفسر أو يصور الموقف من الحاكم وكأنه موقف من مصر وشعبها العظيم.
لكن هذا لا يعني المقاومة، وقيادتها بالذات، من واجب تحديد هذه العلاقة وتقنينها بحيث تمنع الحاكم المصري من استغلالها – متى شاء – لتغطية تخاذله أو تفريطه بالحقوق الوطنية لشعب مصر أو لشعب فلسطين أو للاثنين معاً.
وإذا كان صعباً، أن تضع المقاومة نفسها في مستوى “الحليف” مع الحاكم المصري، فلا أقل من أن ترفض وضعه لها في مستوى “الرديف” أو “شاهد الزور” أو “المفتي” الذي يستصدر براءات الذمة وشهادات حسن السلوك كلما احتاج إليها.
لا أحد يحمل المقاومة مسؤولية المواقف المنتقدة والمهاجمة والمرفوضة التي يتخذها الحكم المصري في سياق توجهه الحثيث إلى تسوية، من أي نوع، مع إسرائيل…
لكن المقاومة تحمل نفسها هذه المسؤولية حين تصمت، ثم حين تقول في القاهرة كلاماً إنشائياً مبهم المعاني، قد يتضمن الإيحاء بالمعارضة ولكن على استحياء ومن بعيد.
لا أحد يملك أن يطالب المقاومة بعدم الذهاب إلى القاهرة، ولا أحد يريدها أن تمتنع عن الذهاب إلى القاهرة، وعن التلاقي مع الحاكمين في القاهرة،
لكن من حق الكل أن يأخذ على المقاومة – المقاومة الواحدة – التعارض بين موقفها المعلن من ممارسات نظام الرئيس السادات ، وبين تركها المجال مفتوحاً لتوظيف علاقتها بها النظام لحساب الممارسات إياها.
ومن حق الكل أخيراً أن يطالب المقاومة وقيادة المقاومة بتوحيد مواقفها، المعلنة على الأقل، حتى لا يتسبب التعارض في بلبلة جماهيرها وفي إضعاف قدرتها على التفريق بين ما هو في مصلحتها وما هو في غير مصلحتها.
نقول هذا من موقع التقدير للمقاومة ولقيادتها، وبدافع الحرص عليها، وعلى روح الثورة أساساً، تلك الروح التي لا تعيش إلا في جو من النقاء والوضوح والصفاء الكامل.