معركة كل العرب بملايينهم المئة وأربعين، وبأربع رياح أرضهم الفسيحة، هذه المعركة المحتدمة الآن في لبنان، والتي تكاد تلتهمه وتلتهمهم.
معركة كل العرب، سواء أرادوها أم لم يريدوها، وسواء أقرروا خوضها أم استنكفوا وأخفى بعض حكامها رأسه في الرمال هرباً من مسؤوليته القومية أو تواطؤاً مع المتآمرين والأعداء من محليين وأجانب تجمعهم كلهم صلة وثيقة “بالعزيز هنري” وموفده إلى لبنان دين براون.
معركة كل العرب، بعشرين ألف دليل، بل بستين ألف دليل من شباب لبنان وفلسطين (وسوريا وأقطار أخرى) سفحت دماؤهم على أرض لبنان.
معركة كل العرب بشهادة العالم كله كما تكشفها طريقة تصرفه إزاءها، ولعل في كلام فورد الواضح أمس ما يغني المتشككين والمطالبين بإثبات!
وأخيراً، فهي معركة كل العرب بشهادة أطراف المحور الانعزالي والطائفي (فرنجية – شمعون – الكتائب)، وقد أطلقوها أمس عبر أجهزة أعلامهم وعلى ألسنة قياداتهم فصيحة تماماً: “يقف العرب إلى جانبنا فنقبل ببقاء لبنان موحداً، أو يرفضون فنرفضه ونقيم إسرائيلنا الخاصة”.
و”هم” يحددون “أعداءهم” من العرب بدقة فإذا هم:
1 – الحركة الوطنية في لبنان، باعتبارها رأس الحرية، خصوصاً وقد تبلورت مفاهيمها وشعاراتها وتركزت على الهوية القومية والتقدمية للمعركة الدائرة في لبنان.
2 – المقاومة الفلسطينية باعتبارها التجسيد الحي للطموح العربي إلى التحرر الكامل من ربقة الاستعمار والإمبريالية والصهيونية، ومن أمراض عصور القهر الطويلة.
3 – أي استجابة عربية لطموح الحركة الوطنية اللبنانية وحركة المقاومة الفلسطينية إلى بناء غد عربي أفضل.
من هنا هذا “الانقلاب” على المبادرة السورية، بعدما فشلت المحاولات لتوظيفها من أجل أحداث صدام بين دمشق وكل من المقاومة والحركة الوطنية اللبنانية.
ومن هنا تجديد الحملة الشرسة على العقيد معمر القذافي والجمهورية العربية الليبية وثورتها.
إن المحور الانعزالي الطائفي يقبل من العرب عرب أميركا فقط، ويتعامل معهم وحدهم، أي إنه يقبل من العرب الانفصاليين مثله، والمعادين مثله لحركة التغيير، والمرتبطين مثله بالمخططات الأميركية لفرض الحلول الاستسلامية على المنطقة انطلاقاً من تصفية قضية فلسطين.
وهو يرفض العرب الآخرين، بصيغة أخرى هو يرفض كل الأمة العربية عدا بعض حكامها المتخاذلين أو المتواطئين أو الأغبياء بالولادةز
… ولن يكون العرب، كل العرب “كتائب”، ولا هم سيصيرون “كتائب”،
بل إن العرب تحولوا ويتحولون كل يوم من مشاركين بالعاطفة وحدها إلى مشاركين بالفعل لأخوتهم في لبنان المناضلين من أجل مستقبل أفضل للبنان كله، كما للوطن العربي، من محيطه إلى الخليج.
وقد يقاسم المحور الانعزالي الطائفي في لبنان إسرائيل دورها “التاريخي” في تثوير العرب، كل العرب، باعتباره بات يشكل مثلها تماماً سداً في وجه تقدمهم السلمي والديمقراطي نحو… العصر.
وعلى قاعدة هذه المشاركة يلتقي المحور الانعزالي الطائفي في لبنان مع كل عرب أميركا، وفيهم بالطبع موقع اتفاق سيناء وأمثاله في المشرق والمغرب من “رجال” العزيز هنري.
… ومرة أخرى وأخيرة، يبقى على العرب، كل العرب، أن يتخذوا القرار الكبير بأن يخوضوا حرب لبنان باعتبارها واحدة من أهم المعارك القومية في هذا العصر،
وهذا القرار مطلوب لأسباب عربية تعني كل العرب وليس اللبنانيين وحدهم،
فمستقبل الأمة العربية سيتقرر، إلى حد كبير، في ضوء نتائج معركة لبنان. ولن ينفع المتخلفين عن خوضها ندم ساعة لا ينفع الندم!