خطوة خطوة…
حتى باتت المؤامرة الأميركية قاب قوسين أو أدنى من أهدافها،
وهي أكثر المؤامرات علانية في التاريخ: إنها صلب النشرات الإخبارية التي تبثها مختلف الإذاعات، وعنوان الأنباء التي تتسابق على سرعة نقلها وكالات الأخبار العالمية.
وصانعها الحاذق العزيز هنري يفترضن بالتأكيد، أحد أمرين: إما أن العرب وبالتحديد أصدقاءه منهم هم أغبى أهل الأرض قاطبعة فهم لا يفقهون ولا يعون ما يسمعون، وإما أنهم أتفه وأعجز وأتعس وأبأس من أن يتحركوا للرد أو لردء الخطر الداهم.
إنها مؤامرة تشمل كل شيء وكل بلد في هذا الوطن العربي الكبير.
إن الولايات المتحدة تجيئنا – مرة أخرى – طالبة كل شيء: الأرض والبحار والمحيطات، النفط والغاز والحديد والمعادن جميعاً، ومعها بالطبع الأيدي العاملة الرخيصة الأجر!
قواعد في مصيرة، وفي البحرين! “خبراء” عسكريون في السعودية (وفي الكويت؟)! قوة عسكرية احتياطية مشحونة بحقد عنصري كسروي في إيران. وقوة سياسية وعسكرية رديفة ممثلة في النظام الأردني. هذا إضافة إلى إسرائيل التي توصف الآن بأنها أكثف منطقة في العالم تسلحاً، فهي نسبياً أغنى بالسلاح والعتاد من الولايات المتحدة ذاتها!
ثم: حلف عسكري أميركي – إسرائيلي لطمأنة العرب!!
وفي البحر الأبيض المتوسط الأسطول السادس،
والمواقع السياسية المهادنة للنظامين التونسي والمغربي، وعلى الضفة الأخرى القواعد العسكرية في إيطاليا واليونان، ناهيك بألمانيا الغربية، وبالمقابل ماذا؟
بضعة كيلومترات معروضة على مصر لتفصلها وتباعد بينهاوبين عروبتها، عن طريق سحبها من ميدان المعركة، وموقف واضح وعلني بأن سوريا لن تنال حتى كيلومتراً واحداً، وستكون في النتيجة البلد الذي تتركز من حوله كل القوى الإسرائيلية لتحاصره وتحاول إجباره على التراجع حتى يستسلم بدوره. أما الفلسطينيون، فهم لا زالوا مرفوضين من أميركا ومن كيسنجر بل ومن عرب أميركا وكيسنجر، ويجري يومياً تكثيف الحديث عن خطرهم وعن ضرورة وضع حد لنشاطهم، كي يجبروا في النهاية على العودة طائعين أو مجبرين إلى عرين المملكة العربية المتحدة.
وبالمقابل أيضاً ماذا؟
إن من يستشعرون الخطر يتحركون. ومن يرون أنشوطة الحبل تعقد حول العنق يتحركون ويتبادلون الرسائل. ولكنهم كلهم حتى الآن يتجنبون الكشف لجماهيرهم عن حقيقة الخطر الذي يحيط بالجميع ويكاد يضيع حرب تشرين ودماء شهدائها.
إنهم يرفضون كيسنجر وخططه. ولكنهم يأخذون عنه دبلوماسيته السرية، بينما السلاح الوحيد الذي يملكونه، سلاح مكاشفة الجماهير بالحقيقة، حتى تكون الحقيقة المرة أداتها للتحرك والانطلاق وشل فعالية المؤامرة.
لقد حان الوقت للكشف عن الحقائق، ولتسمية الأشياء بأسمائها. حان الوقت… ولم يعد الصمت ممكناً.