طلال سلمان

على الطريق عملية واكيم الاستشهادية!

لم يكن نجاح واكيم “عاقلاً” في نظر الكثير من أهل السلطة والنفوذ،
ولكنهم سينظرون إليه الآن بالتأكيد على أنه “مجنون رسمي”،
حتى من يحب هذا “الفتى” الذي انتخبته بيروت في “الجمهوريتين” ممثلاً لها، واختاره معظم اللبنانيين معبراً عن ضمائرهم، رأوا في خطوته، أمس، بالتقدم إلى النيابة العامة بطلب فتح ملف الفساد والإفساد “عملية استشهادية” إلى حد كبير،
وهي “عملية استشهادية” تستهدف إنقاذ ما تبقى من سمعة “الجمهورية” ونظامها الديموقراطي البرلماني.
واللافت أن يكون “المعارض الدائم” و”الصوت الرافض” هو الوحيد الذي انتدب نفسه لمثل هذه المهمة الخطرة، في حين أن “عتاولة” النظام وكبار المستفيدين منه و”أقطاب” حياته السياسية هم الذين يعملون معاولهم في هدمه، وهم الذين يفتكون بسمعته وبأهليته وبملاءمته لاحتياجات الناس، على مدار الساعة.
لكنها “الديموقراطية” والتحسس بروح المجتمع المدني، والعداء للظلم، والانتصار لحقوق الإنسان، كل ذلك معاً هو ما يملأ نفس نجاح واكيم بهوس التصدي للخطأ والانحراف ، وهو ما يجعله يغرد خارج السرب الذي انتمى إليه اضطراراً.
ليس نجاح واكيم خصماً شخصياً لرفيق الحريري (أو للأثرياء عموماً)، فلا ثأر له عليه ولا ثمة عداوة بين عائلتيهما الفقيرتين (بالأصل).
وأفدح الخطأ أن ينظر إلى سعي نائب بيروت لفتح ملف الفساد انطلاقاً من اتهامات وجهها إلى رئيس الحكومة وبطانته، على أنها حرب بين الرجلين، أو حتى بين اتجاهين سياسيين، أو بين موقعين متصادمين بالضرورة لأسباب طبقية.
الفساد ليس رجلاً، إنه نمط حياة، وهو يكاد يتحوّل في لبنان إلى نظام سياسي – اقتصادي – اجتماعي كامل،
والمعركة تعني كل اللبنانيين، وإذا كان مرجعها الأخير هو القضاء بعدما قدمها إليه نائب فرد، فإن المجلس النيابي مُطالب بموقف ليس من باب التضامن مع أحد أبرز وجوهه وأحد مصادر مشروعيته الشعبية، وكذلك ما تبقى من القوى الحية في هذا المجتمع المثخن بالجراح… ومعظمها يشهد على سكاكين جارحيه من الفاسدين – المفسدين.
ولعل موقعي عريضة الـ 55 يتقدمون خطوة ليكونوا شركاء في الادعاء على الفساد والفاسدين – المفسدين ممن أسماؤهم على كل شفة ولسان!

Exit mobile version