مع كل اعتداء إسرائيلي يقع ينصرف هم الحكم إلى … نفي عروبة لبنان ، أو طمسها، على أقل تعديل!
نضرب، فلا نصد ولا نرد، ولا نتصل بأية عاصمة عربية، ولا نستنجد بأي جيش عربي، ولو من قبيل الإحراج!
كل ما يفعله الحكم، ووفق تقاليد اكتسبت قوة الطقوس، إنه يستدعي السفراء الأجانب فينتحب أمامهم، ويطلب من خلل دموع الاستكانة والعجز أن يرفعوا ظلامتنا إلى حكوماتهم لعلها تتكرم فتؤكد “اهتمامها بسلامة لبنان ضمن حدوده الدولية”.
… ثم نبرق إلى ممثلنا في مجلس الأمن بكلمتين: تبلغوا وبلغوا!!
أما الحكومات العربية، سواء تلك التي تتبرع بتأييد لبنان برقياً، أم تلك التي أعلنت مراراً وتكراراً استعدادها لتقديم أي عون يطلب منها، فلا يمتحن استعدادها للتأييد العملي، ويكتفي بالرد عليها إما ببرقية شكر رقيقة، وأما بهزة رأس مفادها ومؤداها: أنهم يريدون توريطنا!
مع كل اعتداء جديد تتعمد عروبة لبنان بالدم،
وينصرف هم الحكم إلى مسح العروبة والدم، بحجة مسح الجراح! كأنما العروبة هي الجرح، وليس الاعتداء والتخاذل عن صد الاعتداء.
… مع أن الذين تنسف بيوتهم على رؤوس أطفالهم ونسائهم لا يملكون، في مواجهة العدو، غير انتمائهم إلى وطن عربي كبير وبهذا الانتماء وحده يقاومون بقدر طاقتهم على المقاومة، أي بالصمود في قراهم الفقيرة.
مع كل اعتداء جديد يلتفت الناس باحثين عن مسؤول، أي مسؤول، فيجدون المسؤولية كرة طائرة فوق رؤوس أهل الحكم، وكل منهم يقذفها باتجاه الآخرين… حتى تضيع وتمحي تماماً بين أنقاض البيوت المنسوفة!
وهكذا يتبرع الحكم بتبرئة إسرائيل مرتين: مرة بإنكاره عروبة لبنان، ومرة أخرى بإنكار حكمه مسؤوليته عن رعاياه والتراب الوطني.
وماذا يمكن أن يقال في حكم تبلغ به وطنيته هذا الحد؟!
أم أن لا مجال بعد للأقوال؟!