لا معنى لتدفق سلاح القتل على لبنان، بحراً وبراً، ولانتشاره الرهيب في سائر المدن والقصبات والقرى والدساكر، غير أن ثمة من يدفع لبنان دفعاً إلى الانتحار، وغير أن اللبنانيين قبلوا هذا “القدر” بحماسة عبروا عنها – كعادتهم! – بزخات من الرصاص الغزير!
فأول ضحايا سلاح القتل المتدفق على لبنان هو الوطن، إذ يتحول إلى مجموعة من الكيانات مفصلة – بالمصادفة وحدها! – على مقاس الزعامات الإقطاعية الطائفية والسياسية فيه،
والضحية الثانية هي القضايا الأساسية،
فمن غريب المصادفات أيضاً – ! – إن القضايا في جهة، الآن، والسلاح في جهة أخرى، ولا جامع بينهما إلا… أحلام المتفائلين بانتصار الحتميات التاريخية!
إن المجهودات التي بذلها ويبذلها أعداء لبنان وشعبه وأعداء فلسطين وقضيتها وأعداء الأمة العربية ووحدتها، تستهدف طمس الوجه النضالي للحركة الشعبية في لبنان عن طريق سحبها – كرة أخرى – إلى البؤرة الطائفية…
ذلك إن لبناناً جديداً ولد بعد هزيمة 1967، إذ برزت قضيته الوطنية كما لم تبرز أبداً منذ الاستقلال، وبرزت بهوية نضالية واضحة الفلسطينية، وبمضمونها الاجتماعي مين ددا: ضرورة ضرب الاحتكار والاستغلال والمنتفعين بنظام الاقتصاد الحر حتى التسيب.
ومنذ ذلك الحين بدأ العمل لإجهاض الهوية والمضمون، وبالتالي القضية الوطنية ذاتها،
ولقد اتخذ العمل أساليب مختلفة، بينها محاولة الالتفاف على المقاومة الفلسطينيةن وبينها الصدام معها في لحظات معينة، وبينها إعادة الطائفية إلى المسرح السياسي من باب المطالب الاجتماعية، حيناً، ومن باب الإقليمية اللبنانية حيناً آخر، ودائماً بذريعة العجز عن مواجهة إسرائيل عسكرياً.
ولكم نتمنى لو أن حركة مطالب الشيعة تحولت حقيقة إلى حركة نضال المحرومين في كل لبنان من أجل استخلاص حقوقهم المغتصبة، على حد ما تمنى الإمام الصدر والمجلس الإسلامي الشيعي في توصياته.
فعندها فقط يتحول سلاح القتل إلى أداة نضالية في خدمة قضية عادلة،
لكن هذا لن يتحقق قط في ظل وضع المحروم فيه أعزل، والغاصب مسلح ليس بالرشاشات وحدها، وإنما أيضاً بضياع الحروم عن الطريق إلى حقه وعن الغاصب الحقيقي لهذا الحق!