أجمل تحية وجهها لبنان الرسمي إلى المؤتمر الرابع لاتحاد الصحفيين العرب، قبل أن ينفض سامره في دمشق، تجسدت في “العملية” الناجحة التي نفذها جهاز الاستقصاء بحق رفيقنا في “السفير” عصام الجردي.
ولقد تم التنفيذ بكفاءة وببساطة وببرود أعصاب، بدليل إن أحد الخاطفين كان يقتل الوقت بلعب “الفليبرز” بينما زميله يرصد حركة رفيقنا عصام.
.. وما الفرق بين خطف مواطن، من عرض الشارع، سواء أكان صحفياً أم لم يكن، وبين لعب “الفليبرز”، طالما إن النتائج واحدة: تمضي اللعبة إلى نهايتها، وسط جلبة “محببة”، ثم… لا شيء!
.. وما الفرق بين أن يسهر الموظف على تنفيذ القانون وبين أن يخرقه، ملغياً ليس فقط دوره هو بل القانون نفسه، طالما إن القانون بلا صاحب ولا راع يحميه من “حماته” كما من مخالفيه؟!
إن الحادثة التي جرت أمام مكاتب “السفير” ظهر أمس خطيرة، ولا تمس “السفير” وحدها،
إن الذي “استوطى حيط” هذه الجريدة، فلم يكلف نفسه عناء الصعود لإبلاغ إدارتها بطلبه الذي كان بإمكانه – ناهيك بواجبه – أن يجعله قانونياً مئة بالمئة لو أراد، إنما كان يعكس بتصرفه نظرة السلطة وأبناء السلطة إلى الصحافة عموماً،
لقد خطف (ونصر على استخدام كلمة “خطف” لأن للاستجواب أصولاً، وللتوقيت أصولاً) خطف مواطناً معروف المهنة، معروف مقر العمل، بغير أن يتكبد مشقة إبلاغ الجريدة أو نقابة المحررين، أو نقابة الصحافة، مع علمه التام بأن من واجبات هؤلاء جميعاً مساعدته لو أنه تكرم بطلب هذه المساعدة باسم الحرص على أمن البلاد،
لكنه بتصرفه الأخرق نفى توافر مثل هذا الحرص لديه، فغير الحريص على حرية المواطن وحقوقه إنما يضع حرصه على حرية الوطن وسلامته موضع الشك.
ولسنا ندري متى يكتشف أبناء السلطة في لبنان تلك الصلة العضوية بين المواطن والوطن، بين الحقوق والقانون وبين الوظيفة والمسؤولية!
ولسوف نكون أسعد الناس إذا ما أفادت حادثة خطف رفيقنا عصام الجردي في تقريب موعد الاكتشاف،
هذا إذا كان لدى أبناء السلطة فضلة من وقت لغير لعبة “الفليبرز”، أو اللعبات الأخرى الأكثر ضرراً!