كان منطقياً أن يتراجع القصر، وقبله كميل شمعون، من أجل أن يبقى رشيد كرامي في الحكم وللحكم ومع الحكم… أي من أجل أن يبقى النظام.
فالرئيس سليمان فرنجية، شخصاً وعهداً، هو المستفيد الأكبر من وجود كرامي شريكاً في المسؤولية في هذه الفترة العصيبة التي عز فيها النصير للعهد وصاحبه، خارج دائرة المنتفعين به ومنه بل وعلى حسابه.
وكميل شمعون هو المستفيد الرقم 2،
ولعل الكتائب تجيء في المرتبة الرقم 3 بين المستفيدين،
أما في قائمة المتضررين من حكم رشيد كرامي فيمكن تخصيص المرتبة الأولى، وبلا تحرج، للتحالف الثلاثي كتكتل وكأشخاص. وإذا كان كرامي مضطراً إلى الحفاظ على سرية الصراع داخل قمة الحكم، ما أكنه ذلك، فصائب سلام وريمون اده غير ملزمين بالصمت، بل هما مضطران إلى الكلام الصريح إلى حد الجرح.
في أي حال، بدأ رشيد كرامي أمس في صورته الطبيعية: الحاكم الوحيد وسط مجموعة من رؤساء القبائل الذين قد يتفقون أحياناً في نقاط التقاطع بين مصالحهم المتناقضة، ولكنهم سرعان ما يعودون إلى الحالة – الأساس، أي الاختلاف فالتناقض.
وكان منطقياً أن تأتي اللحظة التي انتظرها رشيد كرامي شهوراً، وهي التي يبدو فيها محاسباً للعهد ولجماعته، وباسم النظام، وليس كخصم انتخابي وإقليمي لسليمان فرنجية أي كشريك له مسؤول معه عن النظام، أو ما تبقى منه، وسلامة المواطنين، أو من تبقى منهم.
لقد جمع رشيد كرامي في شخصه، وبفضل أسلوبه المتميز في ممارسة المسؤولية، بين الحاكم والحكم والمحكوم، لكنه نجم في تجنب أن يكون خصماً. ولأنه ظل أكبر من الخصومة، ناهيك بخصومه، فإن خروجه بدا مستحيلاً تماماً للراغبين فيه، وعلى العكس تماماً صار بقاؤه هو المنقذ والإنقاذ والمخرج: يبقى فيبقون ويخرج فلا يستطيع أحد البقاء بعده، ولو فوق عرش من الأنقاض والمدن المحروقة.
… لكن الخوف من “شمشون” يظل قائماً، هذا حتى لا نتحدث عن التخوف من نيرون!