لا جدال في أن المقاومة الفلسطينية، والقضية الفلسطينية ذاتها، تكسب كسباً سياسياً فائق الأهمية باعتراف الاتحاد السوفياتي وسائر دول المعسكر الاشتراكي بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد لشعب فلسطين.
لكن ما لا جدال فيه، أيضاً، إن الاتحاد السوفياتي يحقق بهذا الاعتراف كسباً سياسياً لا يقل بأي حال عن الكسب الفلسطيني.
فعندما يلتقي السوفيات المقاومة الفلسطينية يكون ذلك لقاء جديداً لهم بحركة التحرر الوطني العربية، وينفتح الأفق فسيحاً لتحالف أكثر صلابة بين حركة الثورة العربية وبين قوى التقدم العالمية ممثلة بالمعسكر الاشتراكي بزعامة الاتحاد السوفياتي.
إن هذا اللقاء لا يكسب المقاومة الفلسطينية فقط حليفاً قوياً وصاحب نفوذ عالمي واسع، وإنما يؤكد سلامة توجهها في نضالها من أجل تمكين شعب فلسطين العربي من تقرير مصيره فوق أرضه ووفق إرادته الحرة.
كذلك فإن هذا اللقاء لا يكسب السوفيات، والمعسكر الاشتراكي، حليفاً عربياً، جديداً فحسب، وإنما هو يأتي دليلاً جديداً على سلامة التوجه السوفياتي من خلال نوعية التحالفات التي يعقدها في الوطن العربي…
ولقد تضمن المقاومة، باللقاء، دعوة إلى دنيف ومقعداً في مؤتمرها الذي ستكون قضية فلسطين محوره – إذا ما عقد – وبغض النظر عن النتائج،
لكن الكسب الأكثر أهمية هو ذاك الذي سيرسخ داخل المقاومة الاتجاه التقدمي، وسيمدها بزخم ثوري جديد تشتد حاجتها إليه لمواجهة ما تدبره لها إسرائيل والصهيونية والإمبريالية العالمية ومعها جميعاً الحلفاء الجدد من الحكام العرب، إضافة إلى حلفائها ورجالها القدامى منهم.
كما إن سمعة الاتحاد السوفياتي العربية ستزداد توهجاً بملامسته الحارة لجوهر القضية الفلسطينية،
فلقد ظلت العلاقات العربية – السوفياتية، حتى في أجمل أيامها، تشكو نقصاً في حرارة التعامل السوفياتي مع القضية الفلسطينيةن وكان هذا النقص يعرقل تطوير العلاقات باتجاه تحالف ثابت ومكين وراسخ.
ذلك إنه فوق ساحة فلسطين، وساحة فلسطين وحدها، يكتسب تحالف العرب مع أي طرف عالمي هوية ثورية أكيدة،
ومن هنا فقد ظلت محاولات التحالف مع الغرب مدانة باستمرار، لأن المواطن العربي كان يفهمها تواطوءا على قضية فلسطين،
ومن هنا تبدو المحاولات الجديدة التي يبذلها بعض الحكام العرب تواطوءا جديداً على قضية فلسطين وتفريطاً بها،
والكلمة الآن للسوفيات..
فهذه فلسطين تنتظرهم، وخلفها على العرب، ما عدا أولئك الذين ينعقد الرهان على زوالهم خلال شهور لأنهم ضلوا الطريق إلى فلسطين قيل بفعل وهج الذهب، وقيل بفعل العمى السياسي، وقيل بسبب النزعة الطاغية إلى الملك، والله أعلم.