“تريدون الأمن والأمان؟! حسناً أبلعوا ألسنتكم ومعها مطالبكم وكل حديث عن الاصلاح والتطوير والتعديل وما إليها.
… ومع كل تراجع عن “المطالب” نعطيكم تقدماً في الأمن فنهدئ لكم واحدة من المناطق الساخنة، وهكذا دواليك حتى يعم الاستقرار أربع رياح هذا البلد الأمين”!
هذه خلاصة اللقاءات والاجتماعات والمناقشات المفتوحة منها والمغلقة، أو هذه – على الأقل – الخلاصة المعلنة، أما الخلاص فقضية أخرى.
فالمطالب تهدد السيادة… أما ميليشيا الكتائب فتصونها وتحميها وتؤكدها بأن تصبح هي صاحبة الأمر على الدولة وقواتها المسلحة، كما في “الاكوامارينا”، وفي الأحياء والأنحاء التي تهيمن عليها وتخضع أهلها فمن عصا هجر غير مأسوف على شاببه.
والاصلاح ينسف الأمن… أما “نمور” حزب “الوطنيين الأحرار” فتثبته وتعززه وتعيد للدولة هيبتها المفقودة ولو عبر احتلال المخافر والاستيلاء على مصفحات قوى الأمن وتهديد “السرايات” ومن فيها، كما في بعبدا.
إياكم والحديث عن الدستور وتخلفه ومجافاته لواقع لبنان، فأي تعديل لهذا النص الفرنسي، السيء الترجمة، يشكل خطيئة مميتة إذ يشطر اللبنانيين شطرين، وربما أكثر، ويفقد لبنان خضرته وازدهاره الاقتصادي، ويزلزل الأرض تحت أعمدة القلعة في بعلبك فيفرنقع السياح.
إياكم والمس بقانون الانتخاب الذي يفقس نوايا حسب الطلب والمزاج: “لا يقولون لا قط إلا في تشهدهم”!، ويرضون بما يعطون من الجبنة فإذا اعترضوا حرموا وطردوا من النادي إلى غير رجعة،
إياكم وإلغاء الطائفية فبها نكون ومن دونها لا نكون: تصور! كيف يمكن أن يكون لبنانياً ذلك الذي ليس على هويته ذكر صريح للمذهب؟ أيكون ابن الله حقاً ذلك المستور الدين الخجل بانتمائه إلى طائفته الكريمة؟
على هذا فلا بد من تكريس النظام بصيغته الراهنة (أوليست المثلى؟) ودستوره الفريد وقوانينه العبقرية بما في ذلك قانون السير الذي يلزمك باليمين!. وإلا كنت هداماً وملحداً وعلى علاقة مشبوهة باليسار الدولي و”أكرهت” الانعزاليين على القبول بالتقسيم باعتباره أهون (الشرين)… أم أنت ترى إن الاصلاح هو الأهون؟! أفليس الاصلاح السياسي – الاجتماعي – الاقتصادي مسلماً حنيفاً يصلي ويصوم ويطالب بالتعطيل يوم الجمعة؟!
الخيار محدد، إذن، وواضح: تريد لبنان الدستور الفرنسي السيء الترجمة، والاقتصاد الحر واحتكاراته وفوضاه، والطائفية المحققة “للتوازن” بين الحقوق والواجبات و”للعدالة” بين المواطنين جميعاً، أم أنت تفضل لبنان الميليشيا والنمور والقتل على الهوية؟
طبعاً، يمكنك أن تمتنع عن التصويت وأن تلجأ إلى قوقعة صمتك طمعاً بالحياة وتأمين مستقبل أطفالك،
أو تريد حرية أكثر؟. وهل في الدنيا أحرار مثلك خيارهم مفتوح دائماً بين أن يموتوا هم حتى يبقى بعض الأمل في قيام الوطن، أو أن يقتلوا الوطن في محاولة انتحارية لكي يبقوا هم على قيد الحياة؟!
خذوا الأمن، إذن، وتمتعوا بالحرية تمتعاً يحسدكم عليه الداني والقاصي ولاسيما القاصي، وارفعوا عقيرتكم بإنشاد: كلنا للوطن، للعلى للعلم… ملء عين الزمن سيفنا والقلم.