طلال سلمان

على الطريق الحاكم على الحاكمين!

… ومن مفارقات الوضع اللبناني الفريد إن الريئس الأول هو المعارض الأول لحكومة الإنقاذ، ولمهمتها،
وإن بعض الوزارة، وتحديداً الشخص الثاني فيها، وزير الداخلية والوزارات الأخرى، يشاغب على رئيس الحكومة وعلى مهمة الحكومة أمنياً وسياسياً،
وإن مجلس النواب الخاضعة أكثريته لرغبات الرئيس الأول، باعتبار إن أكل خبز السلطان يضرب بسيفه، لم يحاول الاجتماع إلا من أجل “محاسبة” الحكومة بشخص رئيسها على ما اقترفته أيدي غيره طوال خمس سنوات!
وهكذا فإن على رشيد كرامي لكي يحكم، بل لكي يمارس وجوده، أن يقاتل وينتصر على جبهة القصر الجمهوري، وعلى جبهة وزارة الداخلية – قبيلة “الوطنيين الأحرار” ليمتد، وعلى جبهة المجلس النيابي، ناهيك بالكتائب والجبهات الأخرى الحليفة والصديقةز
وواضح تماماً إن معارضي كرامي يحاولون استنزافه قبل أن يضع قدمه على عتبة الحكم،
ولعل رشيد كرامي قد قرر، وفقط ابتداء من الأمس، أن يتجاوز هؤلاء الخصوم ليحكم، وأن يقاتلهم من موقع الحاكم وليس من موقع “المحاول ملكاً” ، وسواء أتحقق له هذا أم لا فإنه سينجح في كشف خصومه وتعربتهم تماماً إذ سيظهرون كمعارضين للإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي وللأمن وللسلامة العامة ولوحدة الوطن أرضاً وشعباً،
إن رشيد كرامي يطرح بوجوده حاكماً خياراً محدداً على اللبنانيين:
أتريدون دولة تحكمها المؤسسات والشرعية والدستور والمواثيق، أم تريدون مجلساً عرفياً ينتظم رؤساء القبائل وزعماء العشائر وقادة الميليشيات، التي ثبت بالدليل الحسي إنها عصابات من الحاقدين المعباين طائفياً إلى حد التعذيب والقتل والتمثيل بجثث ضحاياهم.

إن كميل شمعون، مثلاً، قد يكسب بعض المتعصبين من الموارنة بموقفه المشاكس الذي جسده خلال الأسبوع الأخير بالتصعيد العسكري المباشر على جبهات قبيلته،
لكن صورة شمعون تستعيد ملامحها العتيقة، عبر هذا التصعيد، فيفقد مزايا الحاكم والحكم والطرف الماروني المحاور للمقاومة الفلسطينية وللحركة الوطنية وللصف الإسلامي، ليعود “شمعون 58” إياه… أي إنه يخسر عملياً كل ما جاهد في سبيل كسبه على امتداد 18 سنة، ويغرق حلم شيخوخته في بركة الدم التي يتسبب “حزبه” في اصطناعها.
إن رشيد كرامي الحاكم هو الاحراج الأكبر لكل معارضيه وخصومه، فبقدر ما يصير هو الحاكم يصيرون أطرافاً ضالعة أو متورطة في تدمير لبنان، ويكون عليهم إما التراجع إلى موقع الحكم وإما التقدم إلى موقع نيرون.
… وعندها يصير الكلام للمتضررين من الحكم، بل من النظام برمته.

Exit mobile version