طلال سلمان

على الطريق اغتيال قيثارة الحب..

لارا، لارا، لارا، لارا، لارا، لارا.
لارا غسان مطر. لارا ماغي غسان مطر. لارا تنورين. لارا سد البوشرية – جديدة المتن. لارا بيروت. لارا لبنان. لارا العهد الجديد. لارا رينيه معوض. لارا نائلة معوض. لارا سليم الحص. لارا ليلى سليم الحص. لارا كل الناس، في كل لبنان.
لارا غسان مطر. لارا ماغي غسان مطر. لارا الربيع يجتاح بدم الورد فيه جنرال الخريف. لارا قلب الصباح المتقدم مخترقاً قلب الليل وجنراله الأسود.
لارا غسان مطر. لارا ماغي غسان مطر. لارا فيثارة الحب المكسورة تنز جراحا “الآه” ممدوة ببحة الوجد والشجن فتأخذنا إلى أعياد الميلاد وأعراس العودة إلى الوطن واستعادة الوطن من مغتالي البلابل وقتلة السنابل ومطاردي الابتسامات المهربة على وجوه الأطفال.
لارا غسان مطر. لارا ماغي مطر. اسمها الخبر. عمرها الخبر. أحلامها الحبر. مريولها المدرسي الخبر. ورق الورد المستبقي في كراستها تذكاراً لهمسة العشق الأولى هو الخبر. وبين التفاصيل إن سيارة مفخخة بالحقد والغل والخيبة والتعصب والكراهية والت. ان. ت. والهوكسجين وصورة الجرنال قد استهدفت بالقتل الفرصة اليتيمة الآتية وعدا بفجر جديد ينتهي به ومعه دهر الأحزان اليعقوبية.
لارا غسان مطر. لارا ماغي غسان مطر. لارا كل الناس. لارا لبنان الرجاء. لارا الغد الأفضل. لارا الأمل والأمنية. لارا القصيدة والأغنية. لارا أم كلثوم وعبد الوهاب، فيروز ووديع الصافي، نصري شمس الدين وفيلمون وهبي. لارا سيد درويش وبلادي بلادي بلادي. لارا كلنا للوطن للعلى للعلم.
لارا غسان مطر. لارا ماغي غسان مطر. لارا الأميرة، أميرة الحزن العربية. لارا بيروت المنتصرة بدمها على مدافع جنرال الموت وأمراء القتل على الهوية وسفاحي حلم الحرية.
لارا غسان مصر بين عصافير الجنة، الآن، والجنرال في بعبدا، بعد…
لعلها قد رمته، من عليائها، بنظرة إشفاق،
ولعلها حين بلغت الديمان قد رمت بباقة نرجس، من تلك التي كانت أعدتها لعيد ميلادها، على بطريركها المهجر نصر الله بطرس صفير.
بل لعلها قد نثرت ابتساماتها المختزنة للايام الآتية على الأرامل والأيامى واليتامةى والثواكل ممن ذهبت الحرب بأحبائهم ووأدت أفراحهم من قبل أن تجيء.
لارا، لارا، لارا، لارا، لارا،
أطلقي حزنك مطراً يا “ماغي”، وليلعلع نحيبك الأخرس على أبناء الحياة ممن ضيعهم أعداء الحياة،
أطلق مطرك دماً يا “غسان”، فلاراك تستوطن الآن قلب كل صبية، كل فتى، كل امرأة وكل رجل، ممن افتدتهم وحيدتك المنذورة للشهادة ليبقى لبنان وطناً يمتنع على الطغاة أن يحولوه إلى مقبرة للشهداء أو دار هجرة لثلاثة ملايين طريد يشردون في أربع رياح الأرض طلباً لبعض العمر، لبعض الخبز، ولو من دون كرامة.
وليهطل دمعك مطراً يا غسان، على أخيك الذي منعك حقد التعصب، وتجبر المستقوي بالسلاح الطائفي، من أن ترافقه في رحلته الأخيرة، إلى مقبرة أجدادك في تنورين.
إن بيروت المعفرة بدماء لارا والذين سبقوها على درب الشهادة ستغسل بمطر حزنكما أيها الثاكلان آثار القدم الهمجية من فوق أرضنا هنا، كما يغسل الثاكلون مثلكما من ذوي لارا في غزة ونابلس وقلقيلية وبيت ياحون والخليل آثار القدم الهمجية على أرض فلسطين.
لارا، لارا، لارا، لارا، لارا،
هي أصغر من “ميشال”، حفظ الله لك ميشال، لسنتين تقريباً يا صاحب الفخامة.
وهي أصغر من “ريما”، حفظ الله لك ريما، يا السيدة الأولى، ببضع سنين.
وهي كانت – لو قدرت – ستخرج لاستقبالكما مرحبة باسم بيروت، باسم الذين سيعيدون بناء بيروت وكل لبنان.
ولعلها كانت ستحدث “عمو رينيه” و”الست نايلة” كيف إن الحرب قد حرمتها أن تعيش عمرها، حياتها، لولا إن سبقكما إليها جنرال احلرب فانتهب حياتها والقصائد الأولى التي تحاولها على نبض شوقها لأن تعيش عمرها المورد بأحلام المراهقة.
ولقد افتدت لارا ريما وميشال، يا صاحب الفخامة، وكل الأطفال والأجنة الآتين،
فهم قصدوا باغتيالها العهد الجديد، أي الناس جميعاً واستبشارهم باقتراب نهاية عهد القتل والقتلة.
إنهم يوجهون رصاصهم إلى الغد، يا أصحاب الجلالة والفخامة أعضاء اللجنة العربية العليا، ومن خلفهم سائر زملائهم في قمة الدار البيضاء الاستثنائية.
إنهم يستهدفون الحل العربي،
إنها عبوة ناسفة للسلام الموعود،
إنها مدافع جنرال الحرب تقصف عبر لارا الدنيا بأسرها، الدول جميعاً والرؤساء جميعاً، كبارهم والصغار، وصولاً إلى مجلس الأمن الدولي بالأعضاء الدائمين فيه والمؤقتين.
والكل معني بدم لارا ومسؤول عنه ومطالب بحمايته من أن يهدر عبثاً، ومكلف بالاقتصاص ممن سفحه.
فلارا هي الصورة الأحلى والأبهى لحلم السلام الذي يسكن المآقي المتحجرة بالبكاء على ضحايا الحرب ممن أودى بهم جنرالات الحرب ورمزهم الأبشع هو المتحصن في الملجأ الجمهوري ببعبدا خلف رهينته الغالية: الشطر الآخر من بيروت، الشطر الآخر من لبنان.
لارا، لارا، لارا، لارا،
عيدها اليوم، كان.
وكانت تفترض إن عيد ميلادها قد جاء متوافقاً ومتزامناً وبصحبة عيد ميلاد السلام الموعود، عيد ميلاد الدولة المرتجاة، عيد ميلاد الوطن الجديد.
سنة حلوة يا لارا. سنة حلوة يا قيثارة الحب. سنة حلوة يا الوحيدة. سنة حلوة يا القصيدة التي لما تكتمل.
ولن يبقى السفاح الذي اغتال أربعة عشر ربيعاًز
فلبنان المطهر بدمك هو الأقوى والأبقى.
أليس كذلك يا فخامة الرئيس رينيه معوض؟!
أليس كذلك يا السيدة نايلة رينيه معوض؟!
ولارا باسم بيروت ترحب بمقدمكما، مستعجلة الولادة الجديدة لبيروت التي تعيش فيها زميلات لارا ورفيقاتها وأترابها، وكل الناس، بلا خوف من جنرال الخريف ومدافعه وسياراته المفخخة، وعبواته الناسفة التي يريد بها إرهاب العهد الجديد وإلزامه بموقع الدفاع بدل أن يبادرإلى الهجوم.
ودم لارا سيكون الشاهد والشهادة.

Exit mobile version