افتح بابك، افتح قلبك، افتح عقلك، ارفع رأسك، ارفع سيفك، ارفع رايتك، ارفح صوتك بتحية العيد واسمه المبارك: فلسطين!
ارفع قبضتك بالسلاح المجيد. اشهر تاريخك كله. في كل ذرة تراب بعض من أجدادك. وأجداد الأجداد. والحجر هو الشاهد والشاهدة، والجو عبق أنفاسهم وعطر زهر الليمون.
ولقد جاء في موعده، تماماً، العيد – الوعد، العيد – الأمل، فأعطاك عمراً جديداً، زمناً جديداً، وأعاد إلى اسمك معناه، وإلى جيلك بعض الاعتبار المفقود فانتظم السياق. الآتي أعظم من السابق، والأرض هي الأم والمجد، هي الحب وهي الكرامة، هي “النحن”، ننساها فلا تنسانا، نهملها فلا تهملنا ولا تتخلى عنا، نهجرها فلا تهجرنا بل تتغلغل أعمق فينا وتغلغلنا أعمق في ثناياها وتحفظنا في جذور شجر الزيتون المخضوضر أبداً بنسغ الانتماء.
… وجاء عربياً أسمر كتراب فلسطين، وبملامحها ذاتها.
كان لا بد من أن تزلزل الأرض زلزالها لينبثق فتياً، ندياً، متحدياً وصلباً كصخر “الصخرة”.
والأرض هي الوالدة والولادة، ومن دونها كيف يمكن أن يولد العيد، ومن يعطيه المعنى والوهج وطعم الفرح؟!
وفلسطين تستولد ذاتها من ذاتها، يتهاوى جيل فينهض التالي، والأرض تحمله، ترفعه، تقيل عثراته وتدله وتهديه وتنفخ فيه من روحها فإذا هو بقوة الشهداء وإرادة النبيين والصديقين.
لا تهاجر الأرض ولا تهجّر. لا تهاجر الأنهار ولا تهجر. لا يهاجر التراب ولا يهجر. لا تهاجر الحجارة ولا تهجر.
لا تهاجر الأرواح، الأطياف، الذكريات ولا تهجّر.
لا تهاجر الأجداث ولا تهجّر.
وها هم الفتية الغر يقاتلون بأجداث أجدادهم. ألسيوا هم، الآن، بعض التراب والحجارة.
ألسنا من التراب وإلى التراب نعود، أليس أن التراب يعود إلينا إذا بقينا فيه؟!
هكذا بقبضة تراب أجبر الفلسطيني الأخير العالم على الاعتراف بالفلسطيني الأول، من يستطيع أن يسرق منك جدك الأول والثاني والعاشر والألف؟! من يستطيع أن يسرق منك الماضي، وهل ينفع ماضيك في صناعة مستقبله؟!
هكذا بقبضة تراب وقليل من الحجارة سقطت الأقنعة والخرافات والجنرالات والحكومات والأحزاب والكنيست، والقمم (؟!) فإذا فلسطين هي الأصل وهي الباقية، وإذا “إسرائيل” في الراهن من السياسة وليس في الدائم من التاريخ.
هكذا بقبضة تراب انهارت القمم على الذين حاولوا أن يزوروا فيها النهايات طالما أنهم أعجز من أن يزوروا البداية.
هكذا ببساطة أعادت الحجارة تصحيح المسار: هو في القمة، والكل دونه، بل هو القمة، ولا أحد يطاله أو يطاوله. لا الملوك والرؤساء والزعماء. لا القادة والقيادات. لا الذين يلبسون لباس الثورة ليذهبوا إلى التسوية. ولا الذين يظنون أن الدولارات تصنع التحرير، ولا الذين يستأجرون أعلام الكبار ليحموا عصر الهزيمة وأنظمتها.
اسم العيد : أم الفحم.
اسم العيد : الشجرة.
اسم العيد : حيفا، يافا، كفرقاسم، أبو غوش، جباليا، بلاطة.
اسم العيد : القدس، طولكرم، نابلس، الخليل، قلقيلية.
اسم العيد : غزة.
اسم العيد : رفح.
اسم العيد : المباركة فلسطين.
اسم العيد : العربية فلسطين، بترابها والحجارة وأبناء التراب والحجارة.
… وحجارة الجنوب، حجارة جبل عامل وبلاد بشارة، هي بعض ملامح هذا العيد العربي.
اسم العيد : خالد محمد أكر،
اسم العيد : حنظلة، ناجي العلي.
… والعيد كالحق، كالتحرير، كالاستقلال، كالعزة، كالكرامة: يؤخذ ولا يعطى. يصنع ولا يطلب صدقة من كامب ديفيد.
والعيد في طريقه إلى القاهرة الآن،
فكل عام وأنتم بخير.