كثير علينا في “السفير”، وإن لم يكن كثيراً على حلم لبنان – الوطن، أن تخسر أسرتنا الصغيرة اثنين من شبابها في يوم واحد.
وإنه لشرف عظيم أن تدفع هذه الصحيفة، وهي لما تكمل عامها الثاني، الضريبة كاملة التي تحملها ودفعها راضياً شعب لبنان العظيم فداء لانتمائه العربي ولطموحه المشروع إلى غد أفضل.
إن اغتيال عادل بو يونس وأحمد يوسف يجيء تتويجاً. بالدم للتضحيات المتعددة والمتنوعة التي تحملتها أسرة “السفير” ولا زالت تتحملها بصبر المناضل وكبريائه.
لقد تلقت “السفير” ولا زالت تتلقى تهديدات بالنسف والتدمير و”إبادة من فيها”، وخطف غير واحد من محري “السفير” والعاملين فيها في موجات الخطف والخطف الطائفي المضاد،
وأجبر أكثر من واحد من محرري “السفير” على هجر منزله في الأشرفية وسن الفيل والقلعة وعين الرمانة،
وأصيب ثلاثة من محرري “السفير” ومصوريها بشظايا القنابل أو رصاص القناصة من العاملين “في خدمة لبنان” ومن أجل نصرة “الله والوطن والعائلة”.
ووجهت إهانات ومورست تعديات جسدية ضد بعض محرري “السفير”، ولم يتورع المعتدون عن استفراد محررة في حرم الصرح الطبريركي و”محاورتها” بالكلمات والتصرفات المعبرة تماماُ عن إيمانهم العميق بالديمقراطية وحرية الرأي.
هذا إلى جانب منع “السفير” بقوة السلاح من الوصول إلى قرائها في المناطق التي يفرض عليها الانعزاليون دكتاتوريتهم وفاشيتهم، وضرب الباعة واستجوابهم لمعرفة قراء “السفير” تمهيداً لتهديدهم بالتصفية إن هم تمادوا في غيهم واستمروا في خيانة لبنان!!
وإلى جانب مصادرة كميات “السفير” المرسلة إلى طرابلس، وإلى بعض مناطق الجبل، وإحراق آلاف النسخ يومياً في أنحاء متفرقة شملت قلب العاصمة ذاتها،
وإلى جانب إدراج اسم “السفير” ورئيس تحريرها في “السجل الذهبي” الذي خصصته “العمل” في فترة من الفترات لقوائم “المطلوبين” في دولة الكتائب،
وإلى جانب التهديدات العلنية والمباشرة التي وجهت فوق صفحات “العمل” إلى كل من تجرأ من المسيحيين فكتب مخالفاً في الرأي أو معترضاً على المقولات الكتائبية المقدسات.
وإلى جانب التشهير شبه اليومي بـ “السفير” والعاملين فيها وقرائها وأنصار منهجها الوطني والتقدمي.
هكذا حتى جاءت الذروة، أمس، في اغتيال عادل بو يونس وأحمد يوسف، تكرس – بالدم – هذا المنهج الذي جعل “السفير” ملتقى للمؤمنين بلبنان الوطن، وغده الأفضل، المبرأين من رجس الطائفية والتعصب الذميم، والذي جمع في لحظة الشهادة ابن العاقورة، إحدى أشهر المعاقل الجبلية، وطير حرفا الجنوبية الحدودية.
عادل بو يونس،
أحمد يوسف،
اثنان يضافان إلى قائمة الشهداء من ناس لبنان الطيبين الذين قتلوا ومثل بهم لأنهم حملوا في صدورهم الشوق العظيم لأن يتحولوا من رعايا طوائف إلى مواطنين في وطن حقيقي.
لقد سقطا على الطريق،
… لكننا، نحن رفاقهم في “السفير” ماضون على الطريق إلى طموحنا المشترك وحقنا المشترك في الوطن والمواطنية،
ولبنان أيضاً على الطريق، رغم المحنة، إلى غده البهي… بل لعله الآن بات أقرب إلى هذا الغد المنشود منه في أي وقت مضى.