جاءتنا العاصفة الرملية بغلالة القتامة التي سدت فيها الأفق وضيّقت على الناس الأنفاس في ميعادها بالضبط ليكتمل بها المشهد السياسي في لبنان.
ضيق افق، ضيق صدر، عند »الكبار«، وضيق ذات يد، ضيق بيت، وضيق طريق عند »الصغار« من عباد الله الصالحين…
ثم… ضيق بالقدر المتبقي من الحريات السياسية: لا الحكومة تتقبل دور الرقابة ناهيك بالمحاسبة التي يفترض ان يقوم بها المجلس النيابي، ولا النواب يتقبلون مبدأ مناقشتهم في ما أنجزوا او حيث قصروا بشهادة تواطؤ اكثريتهم على برنامج »برلمان 96« الذي كان يقدمه تلفزيون لبنان (الرسمي او العام)…
وتضييق على من ضاقت بهم سبل العيش، فلا وظائف ولا فرص عمل جديدة، ولا سيولة نقدية او توظيفات تحرك الركود الاقتصادي الخانق،
وفي الوقت نفسه فالنزول الى الشارع للتظاهر احتجاجا تهديد للاستقرار،
ورفع الصوت بالاعتراض تواطؤ مع المقاطعين على منجزات الطائف، وكشف الصفقات والفضائح تشهير بزوجة القيصر بل بزوجات القياصرة وقد دخلن عالم البيزنس والعمولات والمقاولات من بابه الذهبي العريض،
العاصفة الرملية قصيرة العمر وإن كانت ثقيلة الوطأة،
أما العاصفة الاخرى التي تهب مرتين في الساعة فمرشحة لأن تصبح نهجاً لمؤسسة الحكم برؤوسها المعدودة وأذيالها العديدة،
واللبنانيون عمومù مهددون بالربو الذي قد يتحول الى نوبات اختناق، بينما تتزايد الاجتهادات حول التمديد للمجلس، تقابلها مقترحات للقانون الانتخابي الجديد تبعث على الحيرة اكثر مما توفر مناخ انفراج،
ألا مجال لشمة أوكسجين؟!
ومن المسؤول عن هذا الجو العابق بالاحتمالات الخطرة؟
ومن المستفيد من مثل هذا الجو المستفز لطبائع الناس في هذه اللحظة السياسية التي تتطلب استنفارù عامù لوطنية الناس وحشدهم في مواجهة المخاطر المصيرية الداهمة؟!
ألا مجال لشمعة مع شمة الأوكسجين؟!