طلال سلمان

يوميات جدار برلين السوري

٧- قرابين المعبد

… وكان حاتم الطائي أكرم العرب، إذا أولم أطعم وإذا قاتل غلب وإذا غنم أنهب وإذا سُئل وهب، وكان ينحر في كل يوم عشرا من الإبل، فأطعم الناس واجتمعوا إليه..

أما في الجامع الأموي اليوم، فلذلك مقامٌ آخر في كتب التاريخ:

…وعن أحوال الشام، ففي الأيام الأولى من السنة الجديدة حاملة البشائر، وبينما الدهماء بين متأمل وفرحٍ ومشككٍ وحائر، أتى دمشق من الأستانة الشيف الاسطنبولي وكان من أكثر العرب الأتارك حباً للظهور، فإن أولم تبجح، وإن أنفق أعلن.. وهكذا يا سادة يا كرام، ففي ذلك اليوم العتيد، صُفتْ الخراف وقد ثُبِتتْ أعناقها على الأرض، وصرخ الشيف الصنديد بين هازجٍ وضاربٍ بالطبل أن لله الحمد، فرددت السابلة التكبير، ثم جُزٍت أعناق الأضاحي وكان على رأس كل خاروف مسكين فارساً بسكين، وسالت الدماء وعُلقتْ الذبائح بانتظار الشواء..

ثم تدافعت العامة ومنها الجياع الكثير، وفي غياب التنظيم وحسن التدبير، صرخ سائلٌ عابر سبيل: متى كانت بيوت الله وأكبر جوامعها للولائم والتريند والفيس بوك والتيك توك يا صناديد؟ فلم يسمعه أحد… ثم ساد هرجٌ ومرج، وغلب الجوع الحذر في لعبة القدر.. قضى الأضعف من الأجساد اختناقاً ودهساً وصارت الولائم مآتم، واهتز يوحنا المعمدان من داخل ضرحه، وتنهد جاره الحسين بحسرة، فكان أن استنجدت مآذن الأموي بالسماء وارتفع الآذان حزيناً حتى اختلطت الدموع بالدعاء…

أما أعمدة المعبد القديم، وبعد أن ترك الجمعُ الأوساخ في الليل البهيم، فقد أضافت إلى شهادتها شهادة على الدنيا الطويلة وهي باقية وزائلة، وتذكرت فيما تذكرت دماء القرابين التي كانت تسيل على بنيانها في غوابر الأزمنة، وكيف أنها ظنت أن ذلك تاريخٌ لن يعود…

الرحمة لكل من قضى.

Exit mobile version