طلال سلمان

يرفع »لا« مضرّجاً بحريته وعروبته

لو علم السفير الأميركي في لبنان، أن طلال سلمان في عيده الأخير لجريدته »السفير«، قد اختار لها شعار »لا«، لعرف من أية مقاومة، وأية دواة، تحدّر هذا الرجل. ومن رحم أية قومية ولد، وإلى أي إعصار وطني انتسب.
لقد استشرف طلال سلمان، ومنذ زمن، زحف الامبراطورية المتوحشة إلى الوطن العربي. كما استقرأ رياحها وهي تهب، وملامحها وهي تتكوّن، فرفع »لا« دفاعاً عما اعتنقه من العروبة، منذ الجاهلية الأولى حتى الآن. رفع »لا« عالياً، مضرّجاً بدمه، مضرّجاً بحبره، مضرّجاً بحريته، ومضرّجاً بسلالاته من الثوار، والأبطال، والشهداء.
لقد أدرك طلال سلمان بوعي عميق أن سايكس بيكو قد أوجد القطر في الوطن العربي، من أجل اغتيال الأمة. ولهذا السبب، فإنه عربي، لن تكتمل لبنانيته إلا بسوريته، ولن تكتمل لبنانيته وسوريته إلا بعراقيته، ولن تكتمل لبنانيته وسوريته وعراقيته إلا بفلسطينيته، وهكذا، حتى اكتمال كل ذلك بآخر قطر من أقطار هذه الأمة.
فإذا كان السفير الأميركي في لبنان، لا يعرف من هو طلال سلمان، فهذه بطاقته.
يتجرأ السفير الاميركي في لبنان، ويحاول أن يملي على طلال سلمان، ما يجب عليه أن يفعل، وأن يكتب، وكيف يجب عليه أن يفكر، غير مدرك أن الصحافة في لبنان، و»السفير« من طليعتها، لا احد يستطيع أن يملي عليها ما يجب أن تقول وأن تكتب، وبما يجب عليها أن تفكر، إلا ضميرها الحر، وأقلامها المستقلة، وموقفها الجريء، وصدقها الخالص، وقناعتها المصفاة. وأن لها من الأعياد، والشهداء، والقامات، والرموز، والأيام، والمعارك، ما يجعلها أعظم من أن يتطاول عليها أحد، خصوصاً، سفير يمثل نظام امبراطورية لعله الأخطر على البشرية من جميع أنظمة التوحش في التاريخ.
لسنا يا سعادة السفير بأغبياء، لتظن أن الضحك منا، سهل عليك. ولسنا بجبناء، كي لا نكيل لك الصاع صاعين في الحق. ولسنا بلقطاء، لتقلع بنا سفنكم إلى حيث تشاء مجاذيفكم التى تمسك بها مجموعة من قراصنة الشعوب.
السفير تعرف تماماً، ونحن معا، نعرف الدور الذي تقومون به، والقرارات التي تتخذونها، والإملاءات التي تفرضونها، والشخصيات التي تحركونها، والأهداف التي تسعون إليها. عليك أن تعرف تماماً، أن تلويحك بعصاك لن يحوّلنا إلى قطيع. ونتمنى منك أن تدرك أننا من صلب ورحم لهما تاريخ مقاومة طويل، أمس، واليوم، وغداً، في سبيل أن نعيش بسيادة، وحرية، وسلام.
وبهذه المناسبة، نقول لنظامك: له سفيره، ولنا »سفيرنا«، وإذا كان لا يستطيع أن يبدّد من دوره في الأرض، رائحة المجازر والمذابح التي ارتكبها منذ الهنود الحمر، والأفارقة السود، حتى العراق، فإن »سفيرنا« هي رمزنا الذي نستظله، ونتحلق حوله، ممتلئين برائحة ما فيه من صدق، ومقاومة، وحرية، وأصالة، وكرامة، وقول »لا« عالياً عالياً في وجه ما تعده لنا الإدارة الأميركية من تمزق، وتقسيم، وفتن، وتشتت، وانصياع مذلّ لقامتنا القومية الوطنية المستقيمة كعمود النور، والعالية الرأس كسيرة المنارات.
لم يهدد طلال سلمان حياتك يا سعادة السفير. إنك أنت، عبر دورك، تهدد حياة وطن طلال سلمان، وشعب طلال سلمان. واطمئن، لن يهددك أحد في حياتك. أما مشروع نظامك الذي هو ذئب تلبسه ثوب حمل الحرية والديموقراطية، فإن طلال سلمان، ونحن معه، ومعه كل شرفاء هذا الوطن العربي، سنقتلع أنياب ذئبك، ونقدمه إليك على طبق مرسومة فوقه خريطة هذه الأمة من المحيط إلى الخليج.
أخيراً، وسلاح طلال سلمان قلمه الصادق الحر، يسعدنا أن نقول لك، ولإدارتك، ما قاله ولي الدين يكن لعبد الحميد الطاغية، وهو يرفع في وجهه قلمه: لأهزّن به عرش قصرك هزّا.
الأمين العام لاتحاد الكتّاب اللبنانيين

جوزيف حرب

السفير، 2512006

Exit mobile version