طلال سلمان

ورد من طلال سلمان

بداية، اشكرُ سماحةَ المفتي محمد علي الجوزو على انه يقرأني، ثم انه يهتم بما أكتب، برغم اني اكتب في السياسة ولا اسمح لنفسي ان اكتب في الشأن الديني، بل أكتفي بقراءة ما أراه يُغني إيماني بالله والوطن والإنسان.
أما بعد، فقد كنت أتمنى لو حصر سماحة المفتي الجوزو مناقشتَهُ لما كتبتُ وليس لما يفترض انني كنت أنوي قوله ولم افعل… ولو انه فعل، لما وجد أثراً لا لإيران ومرشدها ولا لموقفي من الدين الإسلامي، أو أي دين آخر، وإنما كنت أناقش مواقف سياسية لقوى ترفع الشعار الديني في وجه قوى سياسية أخرى وفي ما يتصل بمسائل الحكم لا بمسائل الدين.
ولسوف أتغاضى عن الإساءات المتعمدة والتلميحات النافرة التي استخدمها سماحته في غير موقعها، فقد كان حديثي عمن حكم بالإسلام، ولقد استثنيت الخلفاء الراشدين، وقلت إن من تولى الحكم بعدهم انما كان أقرب إلى صورة الامبراطور أو الملك أو السلطان، وإن الشورى لم تعد هي الأساس، وإن السلطة صارت أقوى من الدين… وكل هذه وقائعُ يحفل بها التاريخُ، والإشارة إليها لا تمس بالدين من قريب او بعيد، بل ان من مارس مثل هذا الحكم أولى بأن يحاسب على خروجه على الدين من كاتب في عصر آخر يناقش ما كان.
يبقى ما قاله سماحة المفتي الجوزو حول مصر، الثورة فيها ومن آلت إليه السلطة نتيجة لها، في المرحلة الأولى، على الأقل… وهذا أمر يجوز فيه الاختلاف، ورأيه غير رأيي، وهذا حقه، ولكن ليس من حقه ان يقولني ما لم أقله، وان يزج بإيران و«حزب الله» في موضوع لم يكن لأي منهما ذكر في سياق تناوله.
وأود ان ألفت سماحة المفتي الجوزو، الذي كان يعرف مصر جيداً، ان ما طرحته من آراء وأفكار في وجهة نظري حول الاستفتاء هو خلاصة لقراءات واتصالات كثيفة مع نخبة من المفكرين والأدباء والكتّاب في مصر، فضلاً عن انه موضع نقاش وجدل ومحاورات مفتوحة على مدار الساعة تنقلها الصحف والإذاعات والشاشات ويشارك فيها الغرب والشرق… ولم اجد غضاضة في ان اقول، ومن موقعي ككاتب وصحافي يتابع بعقله وقلبه ما يدور في المحروسة، رأيي او مخاوفي من ان تنتكس الثورة العظيمة نتيجة الرغبة في هيمنة طرف من الأطراف على مسارها وفرض شعاراته عليها، مع انها ثورة الشعب كله، وليس لفريق ان يقرر وحده مستقبل مصر، من دون أي انتقاص لحقه في ان يكون شريكا في القرار.
فمصر لأهلها جميعاً، أي للتسعين مليونا، وليست لحزب من أحزابها، قضت الملابسات والانقسامات والتراكمات التي خلفها حكم الطغيان ان يصل إلى السدة… ثم نراه يحاول التفرد بالقرار في شؤون الحاضر والمستقبل.
وأخيراً، فلا تحتاج سماحتك إلى تهديدنا لكي ننشر رأيك، بل نرحب به، حتى لو كان خلافاً لما نعتقد… فنحن لا نملك غير رأينا، وبالتالي، فإننا نحترم آراء الآخرين جميعاً، لا سيما من لهم رأي يختلف كليا عن رأينا. انما هو اجتهاد وليس مخاصمة.

Exit mobile version