طلال سلمان

وداعا «أبا رائعة»…

… ولقد كنت «يا أبا رائعة» النموذج للشاب الذي خرج بإرادته الحرة من إسار التقليد وهيمنة الإقطاع والمفاهيم الموروثة التي تسلم للزعامات الآتية من الماضي باسترهان الحاضر لمصادرة المستقبل.
وكنت حاداً بمواقفك لأنك مبدئي، ترفض المساومة لأنك مبدئي تشبعت بالأفكار المثالية وآمنت بها واعتمدتها منهجاً: كيف تستعبدون الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً.
وكنت «الطليعة» في مجتمع ساكن في قلب التخلف ـ الابن الشرعي للفقر والجهل ـ، لم ينضج وعيه بما يكفي للثورة… فسبقت ثم وقفت تنتظر الجماهير التي تأتي مندفعة، في المرة الأولى، ثم يذهب بها تعجل الإنجاز إلى اليأس المبكر، وتحتاج في المرة الثانية، إلى جهد رسولي كي تتابع المسيرة في قلب الصعب.
رفعت صوتك بالدعوة، ثم بالتحريض… لكن الصوت كان يحتاج إلى زمن أطول كي يحرك الناس ويدفعهم إلى التكاتف والتكتل وفرض إرادة الشباب الجديد الخارج من قعر المجتمع المحكوم بالإقطاع والفقر والتخلف.
كنت تبشر بين مؤمنين تنقصهم الإرادة والإمكانات وفرص العمل، فيقعدهم خضوع الفقر وبؤس الحاجة التي تأخذ الناس إلى حيث لم يكونوا يريدون… لكن الضرورة تفرض عليهم الاستكانة، خصوصاً أن قرون الاستكانة للأمر الواقع كانت تضغط على أهلك.
ولقد أخذك الحب إلى قلعة من كنت تفترض انه في خانة «الخصوم»، فإذا الحب أقوى… وحاولت الملاءمة بين عقلك وقلبك فارتحلت إلى البعيد. وعندما عدت، وقد زينت حياتكما «رائعة» كانت الدنيا قد تغيرت فشعرت بأنك غريب فانزويت تكتب لغيرك، وحجبت رأيك حتى لا تناقض نفسك وتاريخك.
رحمك الله يا رفيق العمر أيها الداعية الذي ظلم نفسه وظلم أهله حتى لا يخون ما يؤمن به بعدما انتبه إلى انه في خانة «المستحيل».
وإلى اللقاء يا محمد حسين علي مسلم سلمان.
طلال سلمان

Exit mobile version