طلال سلمان

وداعاً محمد رسلان

لو استطاع محمد رسلان لأخفى خبر موته حتى لا يربك أصدقاءه في مواعيدهم ولا يزعج زملاءه وأهله فيفسد عليهم جو العطلة الأسبوعية والأعياد المصاحبة لنهاية العام.
فالرجل الذي عاش عمره في قلب السكينة، المسامح بطبعه، المبرر للآخرين تقصيرهم أو أخطاءهم، رحل بصمت، حتى لكأنه تسلل من دار الفناء الى دار البقاء راضيا مرضيا.
والمهني الذي جرب مختلف أنواع الكتابة الصحافية، من الفن الى المقاولات ومن الاقتصاد الى السياسة، كان جاهزا للتطوع لمساعدة أي زميل، حتى لو كان هو نفسه بحاجة الى المساعدة.
ونحن في »السفير« لا يمكن أن ننسى هذا الإنسان الطيب الذي كان له الفضل في أن يؤول إلينا »امتياز« هذه الجريدة التي كان يملكها الزميل الراحل الياس الحويك، والتي لم يكن قد أصدر منها وقد كانت أسبوعية إلا أعدادا معدودة وفي فترات متباعدة ومع تركيز على المغتربين في ديار اغترابهم الكثيرة لا سيما الأميركية منها.
ولقد رافقنا محمد رسلان في خطواتنا الأولى، واضعا خبراته المهنية ودأبه وسهره واجتهاده، في خدمة هذا »المشروع الجديد الذي يشكل فتحا في الصحافة العربية« كما كان يقول.
قبل أسبوعين التقينا، بعد طول افتراق، في دار نقابة الصحافة، وعلى هامش انتخاب المجلس الجديد، فبادرني بلهجة الاعتذار التي تعودتها منه: أنا مقصر، ولكنني سأزوركم بعون الله قريبا جدا.. تعرف أنني ما زلت من »السفير« وفيها!
وداعا أيها الإنسان الطيب، وداعا أيها الزميل الذي كانت أخلاقه أعظم من حظه، فترك لذويه رصيدا معنويا طيبا، لم يترك مثله أصحاب الثروات من تجار المهنة الذين سخّروها للتكسب!

Exit mobile version