… وجاءت ساعة الرحيل، وغادرتنا ست الستات وأخت الرجال، مهى سلام، أم علي، ملتحقة برفيق العمر الذي يطل طيفه مع كل طائرة تعبر الأفق مزينة بالأرزة، سليم سلام.
نادرة، كانت بين النساء، سواء بثقافتها السياسية أو بشبكة علاقاتها الاجتماعية أو بمواقفها الصريحة في المواجهة، المجاملة في الغياب.
لقد توحّدت مع رفيق العمر، فكانت في عقله كما في قلبه، تشجعه على تحمل الصعاب، ولو منفرداً، وتحرضه على التصدي للغلط ولو صدر عن صديق أو قريب، وتمده بذلك الفيض من التفاؤل واليقين بالصحّ ولو ساد الغلط إلى حين..
وقفت إلى جانبه وهو يواجه، وحيداً، في مواجهة المؤامرات والمناورات الهادفة إلى تدمير شركة طيران الشرق الأوسط، إذا ما عزت احتمالات السيطرة عليها، وشاركت معه في كل هواياته ما عدا الصيد.. وتصدّت معه، ثم بعد رحيله، لكل المحاولات التي استهدفت «رئة بيروت» نادي الغولف، بل وأشرفت على تحسين خدماته وحفظ جمهوره بعد رحيل شريك العمر «أبو علي» الذي أراد إكمال التماهي مع جده «أبو علي سليم سلام» فكان له ما أراد، وإن في مجال مختلف.
وبعد الرحيل حاولت ونجحت، بقدر طاقتها، في تعويض غيابه، فظلت الدار عامرة بالأصدقاء ورفاق العمر، وحنت على الذرية المباركة تواكب نجاح الرباعي المميز، علي وكريم ولينا وشفيقة، حتى أسعدها قدرها بالأحفاد.
«أم علي» التي تعرفها النخبة في بيروت، بل لبنان كله، وفي العديد من البلاد العربية، أصدقاء البيت، رحلت أمس، بهدوء، بعد صراع مرير مع المرض لم يمنعها من التواصل مع كل من أحبت وصادقت.
رحم الله «أم علي سلام» التي كان حضورها مشعاً، ذكاء وعاطفة ووداً وشجاعة، وحفظ الله الذرية الصالحة. وإنا لله وإنا إليه راجعون.