طلال سلمان

واشنطن خائفة على “سمعة” إسرائيل ومصداقيتها

رفح – حلمي موسى

في اليوم السبعين بعد المئة، تمضي الأيام محملة بهمومنا وآلامنا، وشكوانا تخبر كل من تمر به إننا على عهدنا صامدون، وبأرضنا متمسكون الى أن تشرق شمس حريتنا وينكسر العدوان. فالاحتلال الى زوال ولو بعد حين..

***

أظهرت وثيقة أميركية داخلية خشية الإدارة الأمريكية من إقدام حكومة بنيامين نتنياهو على ارتكاب “خطأ استراتيجي كبير” سوف يلحق ضررا بسمعة إسرائيل على مدى أجيال.

وتبيّن الوثيقة أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن صارت تتعاطى مع إسرائيل بوصفها دولة “تعاني من مشكلة كبيرة في مصداقيتها”.

وتُظهر هذه الوثيقة الداخلية، التي أعدت في وزارة الخارجية وكشفت عنها الإذاعة العامة الأميركية، على تردي مكانة إسرائيل في قلعة الديبلوماسية الأميركية، برغم ترؤس أنصارها قمة الهرم في كل من البيت الأبيض والكونغرس والخارجية.

وللوثيقة الداخلية الأميركية أهمية خاصة في ضوء تعاظم الانتقادات الدولية لإسرائيل، واستفحال حربها الهمجية على قطاع غزة. ويأتي نشرها بعد وقت قصير عمليا من بيان أصدره الاتحاد الأوروبي مجتمعا، وآخر أصدرته أربع دول فيه طالبت بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.

كما يأتي الكشف عن الوثيقة بعد التقرير الذي نشرته مجلة “إيكونوميست” المرموقة حول “الورطة التاريخية” التي تعيشها دولة العدو.

وتُظهر الوثيقة أن إدارة بايدن تخشى ارتكاب إسرائيل “خطأ استراتيجيا كبيرا” في عدوانها على قطاع غزة، في حين ما زالت دولة العدو تنكر “الضرر الكبير، الذي ربما يمتّد لأجيال” الذي لحق بسمعتها في جميع أنحاء العالم.

وكان نتنياهو قد رد على تصريح لبايدن، في وقت سابق من الشهر الحالي، حول تراجع شعبية إسرائيل ومكانتها عالميا، بقوله إن “غالبية ساحقة من الأميركيين، والإسرائيليين كلهم” يؤيدون سياسة (نتنياهو).

وبحسب الوثيقة، التي كتبت الأسبوع الماضي، قال المشرف على الشؤون العامة الدولية في وزارة الخارجية الأميركية لمسؤولين في وزارة الخارجية الإسرائيلية إن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل تواجه “مشكلة مصداقية كبيرة” نتيجة لتصرفات إسرائيل “غير الشعبية” في غزة.

أضاف “يبدو أن الإسرائيليين لا يدركون حقيقة أنهم يتعاملون مع ضرر كبير يلحق بسمعتهم، ليس فقط في المنطقة، بل أيضا في أجزاء أخرى من العالم”.

ويذكر التقرير أن الاختلافات الحادة في وجهات النظر الدولية تعكس اتساع الفجوة بين إسرائيل وبين أكبر حلفائها، على خلفية سلوك العدو في الحرب حيث “يواجه المواطنون الفلسطينيون القصف المستمر والتهجير الجماعي والجوع الشديد”.

وبحسب تقرير الإذاعة الوطنية العامة، فإن الخلاف تفاقم يوم الجمعة الماضي، خلال زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى الكيان، عندما حث نتنياهو على عدم شن عملية برية في رفح. وأوضح بلينكن لنتنياهو أن أي عمل في رفح “يعرض المدنيين للخطر وسيسبب المزيد من الدمار. كما أنه يؤدي إلى مخاطرة إسرائيل بالمزيد من العزلة حول العالم، وبخطر كبير على أمنها”.

وبحسب الوثيقة، فإن نائب المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية لشؤون الدبلوماسية العامة، عمانويل نحشون، اختلف مع التقييم الأميركي حول تضرّر سمعة اسرائيل.

وقد اعتبر أن “استطلاعات الرأي العام وجدت أن الغالبية الصامتة في الولايات المتحدة وأوروبا تدعم إسرائيل”، وألقى باللوم على خوارزمية تيك توك، التي يزعم أنها “تعطي الأولوية للمحتوى المؤيد للفلسطينيين وتحول الشباب ضد إسرائيل”. وكانت الحكومة الإسرائيلية قد لجأت إلى مؤثرين على الشبكة من أجل التعامل مع “إنكار المجازر في هجوم حماس يوم 7 أكتوبر”.

بالإضافة إلى ذلك، ورد في الوثيقة أن إسرائيل تخطط لحملات مماثلة على وسائل التواصل الاجتماعي في الدول العربية في الشرق الأوسط والبحر الأحمر. وقال مسؤولون في وزارة الخارجية الإسرائيلية إن “إسرائيل تستطيع أن ترى من هم أصدقاؤها الحقيقيون” بعد أحداث السابع من أكتوبر.

وفي الأساس، أكدت الوثيقة أن أنشطة الجيش الإسرائيلي في غزة لا تكتسب شعبية في جميع أنحاء العالم. كما لوحظ في الوثيقة أن “سلوك إسرائيل في الحرب أدى إلى التمزق”، وجاء فيها أيضا: “نحن قلقون من أنهم في إسرائيل يفتقدون الصورة الكبيرة، ويرتكبون خطأ استراتيجيا كبيرا في طريقة تعاملهم مع الضرر الذي لحق بسمعتهم بعد الحرب”، وأضيفت إليها توصية المسؤولين بالضغط على إسرائيل بشأن هذه القضية.

 ومن المرجح أن يكون الهدف من تسريب الوثيقة إلى وسائل الإعلام في الولايات المتحدة هو الضغط على إسرائيل، وتنبيهها إلى الخطر الذي تواجهه، وهو تسريب أميركي مقصود على ما يبدو.

ومعروف أنخ خلال زيارة انتوني بلينكن الأخيرة لإسرائيل، تحدث مع نتنياهو والتقى بأعضاء كابينت الحرب، وضغط عليهم لعدم التحرك في رفح والسماح بعودة سكان غزة إلى شمالي القطاع، وشدد على وجوب إبرام صفقة لتبادل الأسرى.

كما وحذر بلينكن مجددا من أنه من دون خطة لـ “اليوم التالي”، ستفقد إسرائيل دعم العالم وستجد نفسها عالقة في غزة. وقد رد نتنياهو على ذلك بصلافته المعهودة معلنا أنه “أخبرت بلينكن أنه لا توجد طريقة لهزيمة حماس من دون دخول رفح، وإذا اضطررنا – فسنفعل ذلك من دون دعم أميركي”.

Exit mobile version