طلال سلمان

واشنطن تحمّل “حماس” مسؤولية مصير المفاوضات

غزة ـ حلمي موسى

اليوم التاسع والأربعون بعد المئة. الأيام تتوالى ونحن على إيماننا بأنه ما بعد الضيق إلّا الفرج، وأن تضحيات شعبنا هي طريقه الى حريته، وأن ظلم الاحتلال الى نهاية، وأن العدوان منكسر حتما.

***

دخلت مفاوضات تبادل الأسرى ووقف النار مرحلة بالغة الحرج، في ظلّ ضغوطات كبيرة على كل من “حماس” و”إسرائيل”، تمارسها الإدارة الأميركية والوسطاء لإنجاز اتفاق، حول المرحلة الأولى على الأقل، قبل حلول شهر رمضان.

وركّزت الإدارة الأميركية أمس ضغوطاتها على “حماس”، حيث أعلن مسؤول أميركي أن مصير الهدنة المقترحة في غزة يعتمد على موقف الحركة بعدما أعلنت “إسرائيل” موافقتها على مقترح “باريس 2″، على الرغم من غياب أي دليل ملموس على هذه الموافقة، خصوصا وأن حكومة بنيامين نتنياهو أعلنت شروطا من بينها تسليم حماس قوائم بأسماء المختطفين الأحياء لديها، فيما أعلنت حماس أنها لن تقدم قوائم من دون ثمن.

وقال مسؤول أميركي أمس إن مصير الهدنة المقترحة في غزة يعتمد على موافقة حركة حماس على إطلاق سراح “فئة محددة من الرهائن”، بعدما وافقت إسرائيل إلى حد كبير على الخطوط العريضة للاتفاق.

أضاف أن “الكرة الآن في ملعب حماس، …والإطار موجود، وقد قبله الإسرائيليون عملياً. ومن الممكن أن يبدأ وقف لإطلاق النار اليوم ويمتدّ ستة أسابيع في غزة إذا وافقت حماس على إطلاق سراح فئة محددة من الرهائن.. المرضى والجرحى وكبار السن والنساء”.

وتتواصل في القاهرة مباحثات على أعلى المستويات مع وفد حماس، في ظل أنباء متضاربة عن مشاركة وفد إسرائيلي فيها.

وكانت أنباء إسرائيلية متعددة قد أشارت إلى أن نتنياهو وحكومته لم يمنحوا تفويضا واسعا لطاقمهم لتحريك المفاوضات، وأن التفويض يقتصر على المساعدات الإنسانية دون سواها. ومن المعروف أن أطرافا إسرائيلية عدة، وخصوصا أهالي الأسرى، يؤمنون بأن نتنياهو يعرقل الصفقة لأسباب تتعلق بائتلافه وبمطامحه الشخصية، ولذلك فهم يصبون جام غضبهم عليه.

ويظهر ذلك بوضوح في التظاهرات الكبيرة، سواء التي تطالب بصفقة تبادل سريعة، أو التي تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وإجراء انتخابات عامة جديدة.

وبحسب تقارير إسرائيلية، فإنّ حكومة نتنياهو أبلغت كلا من مصر وقطر أنها لن تعقد جولة جديدة من المفاوضات بشأن اتفاق إطلاق سراح الرهائن، قبل أن تقدّم حماس قائمة بأسماء المحتجزين لديها الذين ما زالوا على قيد الحياة.

وتعتقد حكومة العدو أنّ لدى المقاومة 134 أسيراً من بينهم 31 قتلوا، بالإضافة إلى ستة مختطفين يحملون الجنسية الأميركية. وكانت إسرائيل تصر إنها لن ترسل وفدا إلى المفاوضات إلا بعد أن تقدم حماس ردودها على مقترح “باريس 2”.

وزاد الأميركيون من ضغطهم على حماس بعد صدور أنباء بأن الأخيرة ردت بالسلب على مقترح “باريس 2″، وهو ما لم يتأكد من أي جهة رسمية في الحركة.

وقال مسؤول أميركي “نحن نعمل على مدار الساعة. لقد وقّع الإسرائيليون على بنود الاتفاق وأصبحت الكرة الآن في ملعب حماس”. وتوحي واشنطن بأنها مارست ضغوطا على إسرائيل مؤخرا للموافقة على إطار التفاهم، وأنها حلّت الأمر في قمة باريس، معتبرة أنه “بعدما قبلت إسرائيل بمبادئ الإطار، بات كل شيء يعتمد على موافقة حماس على إطلاق سراح المختطفين الذين تم تعريفهم على أنهم مختطفون معرضون للخطر، بمن فيهم النساء والأطفال والمسنين والمرضى”.

وكان مسؤولون كبار في حماس قد أعلنوا أن الحركة لن تسلّم أي تفاصيل أو معلومات عمن تحتجزهم من دون مقابل، مشيرة إلى أنه “يجب دفع الثمن من خلال إغاثة سكان غزة وإرساء وقف لإطلاق النار”.

وأوضحوا أن مطالبة إسرائيل بالحصول على قائمة بأسماء المختطفين الأحياء من أجل استئناف مفاوضات وقف إطلاق النار لا يشكل ضغطا عليهم، وأن هناك مطالب واضحة على إسرائيل تنفيذها من أجل إطلاق سراح المختطفين، وإنقاذ من بقي منهم على قيد الحياة.

وفي واحدة من أكثر المقالات انتقادا لنتنياهو، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق إيهود باراك أن حوالي نصف الأسرى الإسرائيليين هم على قيد الحياة، وأن نتنياهو يؤجل القرار ما يجعل فرص عودتهم تتضاءل.

وفي مقال طويل نشره في مجلة “فورين أفيرز” الأميركية، قال إن إسرائيل تؤمن بأن ما لا يقل عن نصف الأسرى الـ 134 الذين تحتجزهم حماس ما زالوا على قيد الحياة، مؤكدا أنه لا يشك في أن نتنياهو يريد عودتهم – لكنه يؤجل القرار، مما يعرضهم للخطر.

وأكد باراك، أنه لا يشك في أن نتنياهو يريد عودة رؤية المختطفين، لكنه أشار إلى أنه “بالنظر إلى سجله، فإن كلماته تبدو جوفاء”. ورأى رئيس الوزراء السابق أن “نتنياهو رفض ست مرات خلال الأعوام الـ 12 الماضية الخطط التي اقترحها قادة الشاباك للقضاء على قيادة حماس. وبينما هو يؤجل القرار اليوم، يبقى الخطر على المختطفين كبيرا، وتتقلّص فرص إتمام الصفقة”.

وأوضح باراك في المقال أن “إطلاق سراح الأسير هو واجب أخلاقي”، مضيفا “إن ذلك ليس أكثر أهمية من القضاء على تهديد حماس، ولكنه أكثر إلحاحاً. والفشل في القيام بذلك سيكون عاراً جماعياً للقيادة الإسرائيلية، ووصمة عار على جبين المجتمع الإسرائيلي لأجيال آتية.” كما كتب باراك في المقال أن صفقة الرهائن مازالت ممكنة، على الرغم من أن مطالب حماس غير معقولة حتى الآن – وليس هناك هدف يستحق تحقيقه “بأي ثمن”.

وأعرب عن اعتقاده بأنّ “إسرائيل هي دولة ذات سيادة ولها الحق في رفض اقتراح من شأنه أن يسبب ضررا أكثر من نفعه – وخاصة إذا كان اقتراحا من منظمة إرهابية متعطشة للدماء مثل حماس. وفي الوقت نفسه، ليس من المنطقي الإعلان باستمرار عند الحديث عن وقف إطلاق النار، عن النية لقتل القادة نفسهم، كما يفعل المسؤولون الإسرائيليون بشكل يومي، أثناء محاولتهم لعقد صفقة- مع العلم أن بعض الرهائن يستخدمون كدروع بشرية- وذلك من منطلق أنه بدل أن تتحدث عن إطلاق النار، أطلق النار عندما يتعين عليك ذلك.”

من جانبه، تباهى وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بدوره في عرقلة الهدنة وصفقة التبادل. وأعترف في مقابلة إذاعية: “لا أعرف تفاصيل (الصفقة). أعتقد أن الهدنة إشكالية. أقول – دعونا ندمرهم ونسحقهم. لماذا لم ندخل رفح حتى الآن؟ أليس لدينا سوى التسول؟ هل نرسل رئيس الموساد للتسول؟ عليهم هم أن يتسولوا”.

Exit mobile version