طلال سلمان

هوامش

حوار مع »البنتاغون«؟!
لم يكن »الزائر« مألوفاً، بوظيفته على الأقل، ولا كانت اسئلته من النوع المألوف، خصوصاً انها تلامس مسائل شديدة التعقيد، وبينها على سبيل المثال لا الحصر:
ماذا باستطاعة اميركي من اصل عربي وضعته الظروف في موقع الاستاذ في كلية اركان الحرب، في »البنتاغون« ان يعمل حتى لا يتحول »سوء الفهم« المتبادل بين العرب والادارة الاميركية الى عداء يولد حروبا لا تنتهي؟
كيف يمكن »ترشيد« قرارات رجال البنتاغون، الجنرالات منهم كما المدنيين من المنظرين لاستخدامات القوة العسكرية، بذريعة ان العرب لا يفهمون الا لغة القوة؟!
وهل يمكن تنظيم »حوار« بين البنتاغون والاعلام العربي؟
الا ترون ان الحوار مفيد؟! انهم لا يعرفون ما يكفي عن العرب، فإذا ما نوقشوا فلعلهم ينتبهون الى خطورة ما يجري وتأثيره على مستقبل العلاقة بين بلادهم والعرب خصوصاً والمسلمين عموماً؟ هل ذلك ممكن؟!
كانت الملامح السمراء للكهل الستيني متين البنية تنضح بنواياه الحسنة.
كان واضحاً انه في مأزق شخصي، وجداني ان صح التعبير … وقد اضاف، ربما ليوضح براءة قصده، فقال انه ليس عسكري النشأة، بل هو استاذ جامعي اصلاً، وقد طلبته وزارة الخارجية فعمل فيها لسنوات في موقع استشاري للشؤون العربية، ومن هناك الى البنتاغون للتدريس في كلية اركان الحرب. وهو يطرح فكرة الحوار هذه للنقاش ليس إلا.
وللتدليل على صدق نواياه فقد استذكر اسماء بعض من درس لهم من »ضباط القيادة« اللبنانيين، وبينهم من هو معروف، وما زال »في الخدمة« حتى اليوم، وفي مواقع قيادية.
حوار مع البنتاغون ورجالاته؟!
اي حوار يمكن تخيله بين »صحافي عربي« وجنرال اميركي يقود فرقة او رتلاً من الدبابات تتوغل في جرح العراق، او يبعث بطائراته الحربية او حواماته لتدمر منازل في الفلوجة على أهلها، او لتدك جوار العتبات المقدسة في كربلاء او النجف؟ او في مقر »القيادة المركزية« في الدوحة قطر؟
من اين يمكن ان يبدأ ذلك الحوار، بالتأكيد ليس من احتلال العراق، ومعه وفي الطريق إليه التمركز في قواعد هائلة القدرات والامتدادات في البحرين وقطر، مع ما تقرر الاحتفاظ به من قواعد اسناد في شمال السعودية، ومع نقاط الارتكاز والمحطات الاستخباراتية التي تنتشر على امتداد الشواطئ العربية من اليمن الى المغرب، مغطية اجواء محيطات وبحور عديدة فضلاً عن الخليج العربي ومضائق تيران وباب المندب وهرمز وقناة السويس؟!
من اين يبدأ الحوار حول التحولات التي اصابت السياسة الاميركية تجاه المنطقة العربية، فبدلت صورة »زعيمة العالم الحر« و»نصيرة الحريات« و»أرض المهاجرين« المفتوحة لكل من ضاقت به سبل الرزق يأتيها من اي جهة فتقبله وتمنحه جنسيتها وفرصة العمل والنجاح والوصول الى قمة الثروة او السلطة فيها بغض النظر عن دينه ولونه وهويته الاصلية؟!
بداية لا بد من محاولة لحسم اجوبة لأسئلة معلقة منها:
مَن »الإرهاب« و»الإرهابيون« صناع »ناين إلفين«، اي تفجيرات 11 أيلول 2001؟!
مَن قتلة المفكرين والكتّاب المستنيرين والعلماء في القاهرة وبيروت ودمشق، من قبل، وفي بغداد اليوم…
مَن الدعاة الى الارتداد الى الجاهلية بذريعة الحرص على الدين الحنيف عندما تولى رعايته البنتاغون بالمخابرات المركزية؟
من الذي وصم العروبة وحركتها القومية (التي جاءت اصلاً من الغرب) بالخروج على الاسلام ووظف التعصب الديني والانغلاق والسلفية لمحاصرتها وضربها، بحجة انها حليفة الشيوعيين الكفار، وعدوة الغرب المتدين بل والدين عموماً؟!
من الذي ساند الطغاة وكل انظمة التعصب والاستبداد والانغلاق ومجافاة العصر، بذريعة الحرص على »الاصالة«… ثم جاء اليوم يحاسب الشعوب على نقص الديموقراطية لديها، او على عدائها الغريزي للديموقراطية؟
من شجع تنظيمات السلفيين ورعاها، بل هو قد مولها وسلحها في بعض الحالات؟
من أنشأ منظمات »ثقافية« فاشترى شعراء وكتّابا، وموّل اصدارات »تغوي« بالانحراف، ووضع »التقدم« مقابل »الاصالة« والدين مقابل القومية، والديموقراطية مقابل الاستقلال؟!
من اخترع اسامة بن لادن وانشأ تنظيم »القاعدة« ورعى »طالبان« واستولد »ابا مصعب الزرقاوي« وسائر العتاة من القتلة تحت راية الدين… والذين جعلوا الاسلام في صورة عدو الإنسانية، والبنتاغون في صورة حامي حقوق الانسان؟
من ساند اسرائيل في احتلالها فلسطين وفي اعتداءاتها المتكررة على الدول العربية المجاورة، واغدق عليها المساعدات بالمليارات، وبعث إليها بالطائرات والدبابات والصواريخ جاهزة فيها للاطلاق، ثم زودها بالخرائط والبيانات لتعزيز صناعاتها الحربية وتوكيد تفوقها العلمي والتقني على العرب مجتمعين؟
من ترك السفاح ارييل شارون يعمل تقتيلاً في الفلسطينيين، وتجريفا في أرضهم وتهديماً لمنازلهم، وعزلاً لمدنهم وقراهم عن بعضها البعض، ومصادرة للهواء الذي يتنفسونه ومحاصرة لهم بالفقر والجوع واليأس حتى الاقتتال؟!
من اضفى هذا القدر من بريق النجاح على مشروع ديني عنصري كإسرائيل، بحيث صار نموذجاً يحتذى، خصوصاً وهو يحظى بكل هذا الدعم والمهابة والقوة والقدرة على اخضاع الدنيا لمطامعه في السيطرة والهيمنة على مقدرات الشعوب؟!
… إذا كان التعصب الديني والعنصرية وسياسة القتل حتى الابادة هي التي تصنع الدول القوية كإسرائيل، فكيف لا تتحول اسرائيل لنموذج، ويصير على من تقاتلهم ان يقلدوها ويتبعوا نمطها طريقاً الى موقع الدولة العظمى؟
وإذا كان شارون قد غدا »ملهم« جورج بوش فلماذا لا يطمح اسامة بن لادن او اي بنلادني آخر الى مثل هذه المرتبة السامية على قمة الكون، طالما ان البوابة هي التعصب الديني وانعدام الثقافة السياسية والعنصرية واحتقار شعوب العالم الثالث؟!
حوار مع البنتاغون؟!
ألم تتعامل الادارات الاميركية المتعاقبة مع الشعوب العربية على انها قاصرة ولا تستحق نعمة الاستقلال والتحرر ولا تعرف كيف تبني ذاتها، فطوقتها من الداخل والخارج بأحلاف استعمارية: من الدفاع المشترك (اوائل الخمسينات) الى حلف بغداد (أواسط الخمسينات) الى مبدأ ايزنهاور (أوائل الستينات) الى التماهي مع المشروع الاسرائيلي منذ السبعينات وحتى اليوم؟!
ألم تتآمر فتحرض السلطات على الاحزاب العلمانية التي كانت تقود نهضة المنطقة، كما انها حرضت هذه الاحزاب على طلب السلطة قبل الاوان فكانت النتيجة ان وُئدت تلك الاحزاب في السلطة، واستعادت السلفية والطائفيات موقع صاحب الامرة في المجتمعات العربية؟
لقد شد النموذج الاسرائيلي، المعزز بالتأييد الغربي المفتوح، كل الطائفيات في المشرق العربي، مسيحية كانت ام اسلامية، فحاولت تقليده برعاية اميركية دائما فكانت النتيجة مسلسلاً من الحروب الاهلية!
ألا يعمل المحتل الاميركي الآن على اشغال العراقيين بأنفسهم، وتحريض بعضهم ضد بعض على قواعد عنصرية (الاكراد ضد العرب وبالعكس) او طائفية (السّنة ضد الشيعة وبالعكس)… فأية علمانية وأية ديموقراطية ستأتي بها مشاريع الحروب الاهلية الجاري العمل لاشعالها؟
حوار مع البنتاغون؟
كيف يحاور القلم المستضعَف المخابرات وحاملات الطائرات والجدار العنصري وحكومات الطغيان المحمية بالعلم ذي النجوم؟!
الحوار متعذر، بل مستحيل، بين من لا يملك إلا فكره وايمانه بحقه في أرضه، واعتداده بهويته وطموحه الى الديموقراطية والحرية، وبين سكان ذلك المبنى البشع المقفل من الجهات الاربع، والذي يعمل فيه كل الذين يطمحون الى احتلال الشمس حتى لا تشرق إلا حيث هم، بينما يسود الظلام في العالم الذي عليه ان يسلمهم موارده ثم يقتل بشره بعضهم بعضاً او يموتون جوعا او بالايدز او وقوداً لحروب طائفية عرقية دينية طبقية قومية فلا يبقى منهم إلا اليد العاملة الرخيصة المطلوبة للاعمال القذرة.
الحوار يتطلب تكافؤا لا نملكه… ايها الذي لم ينس أصله، ولكنه نسي ان موقعه يلغي بطبيعته الحوار مع الآخر… فكيف إذا كان قلماً، مجرد قلم؟!

مباراة نسائية في غياب الرجال!

قال الرجل الذي عين نفسه لجنة فاحصة لجمال النساء: تلك، ذات الثوب الاحمر، هي أجملهن… انظر إليها كيف تتعالى فتتسامى وهي تلحظ تعلُّق العيون بقدها الممشوق!
لم يناقشه صديقه الذي كان مشغولاً باختلاس النظر الى المدعوات من خلف ظهر زوجته، كان يحتاج لمزيد من الوقت في التأمل كي »تشبع عينه«.
عاد الرجل يقول: تلك التي يمينك هي اجملهن صدراً، لكن ساقيها رفيعتان كعصا المكنسة… وهذه التي الى يميني صاحبة اجمل عينين، لكن انفها مفلطح، كأنما زرع بعد الفراغ من صياغة الوجه، فجاء اغلظ مما يجب، فحجب كل ما عداه.
هز صديقه رأسه وهو يتابع استكشافه الخاص: يبدأ من الساقين صعودا، يتوقف بعينيه قليلاً عند الردفين، ثم يتجول في فسحة الصدر قبل ان يتسلق العنق الى الوجه مدققا في الملامح جميعا، الأنف، الحاجبين والرموش، متجنبا تلاقي العيون، ثم ينزل كرة اخرى بجولة نظر سريعة، قبل ان يباشر المقارنات، تمهيدا لان يختار تلك التي سيحاول ان يتقرب منها بخدمتها على طاولة العشاء.
قاتل الله خرّاب اللعب! لقد اقتحمت تلك الحيزبون عليهما لحظة التأمل فأفسدت المتعة بصرخة من ضبط فضيحة: ما لكما تجلسان صامتين جامدين كتمثالين من الشمع؟! هيا، انضما الى الآخرين وشاركا بطرفة، بنادرة، بتعليق… اي تعليق!
صارا موضوع »الفرجة«… وارتج على »رئيس اللجنة الفاحصة«، في حين اسعف الحظ صديقه بتعليق عفوي: كنا نحاول ان نختار ملكة هذه الحفلة الجامعة، وانت الاعرف، تعالي فشاركينا…
بحماسة لافتة سحبت كرسيا وازاحت بعض الضيوف حتى جلست الى جانبه وانطلقت توصّف الحاضرات:
هذه زوجة رجل اعمال يأخذه نجاحه بعيدا عنها معظم الوقت، لذلك فهي تبحث عمن تملأ به وقتها… اما تلك المتصابية الشقراء فكل ما تراه فيها مستعار، بدءا من الرموش، نزولاً الى الشفتين، فإلى الصدر، والردفين.
انتبه الى التي عند المرآة، انها امرأة حقيقية، لكن رجلها العجوز الذي اشتراها بماله يكتفي الصبابة!! أولست تعرف »مادلين« هذه التي كالبقرة؟ انها تحمل ثروة من الماس واللؤلؤ فوق عنقها وصدرها ويديها، تستدرج بها الافتى من الرجال… ماذا تريد ان تعرف بعد؟! اتريد ارقام الهواتف ايضا؟!
ادهشته بمعلوماتها، فأمسك بيدها بكلتا يديه وشد عليها شاكراً، ولكنها صدته قائلة: أولست تعرف كلمة رقيقة تغازل بها امرأة جميلة؟! عد الى متعتك بالنظر ايها الأعشى الذي لا يستطيع التمييز بين الغزال والبغل!

من أقوال نسمة

قال لي »نسمة« الذي لم تعرف له مهنة إلا الحب:
يعطيك الحب نعمة الاحساس بالذات، بالقيمة، بالاهمية، بالقدرة. ألا تحس بهامتك قد ارتفعت، وبصدرك وقد امتلأ زهواً، حين تسمع من يناديك وحدك : يا حبيبي؟!
حبيبي يشعرني بأنني اجمل من في الأرض، وأنا أشعره بأنه الاقوى… فمن يمكن ان يكون اسعد منا؟! الحب يعيد خلقنا اقوى وأحلى واعظم!

Exit mobile version