طلال سلمان

هل بدأ العدّ العكسي لحكم نتنياهو؟

غزة ـ حلمي موسى

في اليوم الثامن والتسعين، وفي كل يوم، نزداد ثقة بأن العدوان سينكسر والاحتلال الى زوال.

**

تكاد الحلبة السياسية الداخلية الإسرائيلية تنفجر من فرط ما تعاني من مشاكل فاقمتها الحرب، تأتي لتضاف إلى المشكلة الاقتصادية التي تزداد عمقا جراء التكاليف الباهظة للعدوان، والاضطرار الى تكييف ميزانية العام المقبل، وربما أعوام أخرى آتية، مع حجمها.

ومعروف أن حكومة نتنياهو الحالية بصيغتها الأصلية، قبل أن ينضم إليها حزب المعسكر الرسمي بزعامة بيني غانتس، كانت تتكون أساسا من ائتلاف “الليكود” مع غلاة المتطرفين في حزبي سموتريتش وبن غفير بالإضافة إلى الأحزاب الحريدية.

وقد أنهك هذا الائتلاف، الطامح الى ترسيخ نفسه، المجتمع الإسرائيلي في حمى ما عرف بـ “الإصلاح القضائي”. وهدد هذا “الإصلاح” بوضع إسرائيل على حافة حرب أهلية، لأنه كان يحاول تكريس إسرائيل كدولة يهودية على حساب نظامها الديموقراطي، إذ كان يرمي إلى إخضاع القضاء للسياسة، عبر تغليب الكنيست على القواعد الأساسية للحكم الديمقراطي، بما يمس بالحقوق الأساسية للأفراد والجماعات. وزاد الطين بلة مع المسيرة الفاشية التي بلغت ذروتها في سن “قانون القومية” الذي يضع المواطنين العرب في درجة ثانية او ثالثة في سلم المواطنة.

وسط هذه الظروف، جاء طوفان 7 أكتوبر ليضع الجميع أمام مهمة بالغة الصعوبة، وهي مواجهة الوضع المحلي، بالإضافة إلى الوضعين الإقليمي والدولي الجديدين. وبرزت الحاجة لإدارة الحرب بوجه مقبول، أميركيا على الأقل، فأُعطي دور مركزي للمعسكر الرسمي للحكومة وتم ضمه في كابينت الحرب.

وأدار هذا الكابينت الحرب في ظل صدام متواصل مع ما يعرف بالكابينت السياسي الأمني الموسع، الذي يضم الى جانب أعضاء كابينت الحرب، حزبي سموتريتش وبن جفير.

وكانت الصدامات تتعمق على الدوام بين حزب غانتس وبين الحزبين المتطرفين، وخصوصا في كل ما يتعلق بالتكيّف مع المطالب الأميركية بشأن الحرب.

وكثيرا ما ظهرت الخلافات العميقة في الحكومة الى السطح، لدرجة استدعت قيام الرئيس الأميركي بمطالبة نتنياهو بإصلاح ائتلافه الحكومي، واخراج المتطرفين منه.

لكن واشنطن، وغيرها من الأطراف، كانت تعرف أن نتنياهو في جوهر سلوكه يساند اليمين المتطرف وإنّه غالبا ما يستخدمه لمصلحته. بل تعزّز اليقين، حتى لدى الأميركيين، بأن نتنياهو معنيّ بإطالة أمد الحرب لأسباب شخصية وحزبية، وانه يريد، على قدر الإمكان، إبعاد الانتخابات عن ٧ اكتوبر وعواقبها.

وبات واضحا أن الواقع السياسي في إسرائيل يمنع إحداث التغيير المطلوب، طالما بقي نتنياهو على رأس الحكومة، وفي غياب إمكانية إجراء انتخابات عامة خلال الحرب.

وبدأت عملية إلقاء أفكار، يمينا ويسارا، لتشجيع عدد من قادة الليكود على تحدي نتنياهو، وتفكيك الائتلاف الحالي، وتشكيل بديل له ولو بشكل مؤقت.

ويوم أمس، نشرت صحيفة “معاريف” خبرا أفاد بوجود اتصالات في أوساط الليكود للانقلاب على نتنياهو وتشكيل حكومة بديلة لمدة عامين يمكنها إدارة مفاوضات لإنهاء الحرب وإعادة الأسرى والتوصل الى تسوية سياسية من دون الاضطرار لإجراء انتخابات جديدة.

وكان زعيم المعارضة يائير لابيد قد أعلن سابقا عن استعداده للعمل مع أي مرشح، باستثناء نتنياهو، ينجح في جمع غالبية في الكنيست.

وهناك كلام عن أن المفاوضات بين قادة الليكود وبين زعماء المعارضة فشلت بسبب إصرار الليكود على أن تتولى الحكومة البديلة الحكم لمدة عامين وليس لعام واحد، كما يطالب رجال لابيد والمعسكر الرسمي.

وكانت الاتصالات للتوصل الى حكومة بديلة قد تكثّفت بسبب المحاولات المتعثرة لإقرار ميزانية عامة والخلافات الشديدة حولها. ومعروف أن مناقشة الميزانية العاملة تأجلت بعدما هدد وزراء بالتصويت ضدها في الكنيست.

في كل حال، يدلّ خبر “معاريف” على ضيق الليكود بقيادة نتنياهو واستعداد الكثير من أعضائه للتخلي عنه. وكانت استطلاعات رأي أخيرة قد أظهرت أن 42 بالمئة من الإسرائيليين يرون أن بيني غانتس هو أنسب من نتنياهو لرئاسة الحكومة، ولم يحظ نتنياهو إلا على 29 بالمئة من تأييد المستطلعين فقط.

كما تبيّن أن حزب غانتس، وفي حال إجراء الانتخابات الآن، سوف يحصل على 33 مقعدا نيابيا مقابل 20 الى 22 مقعدا لليكود. والأهم هو أنّه لو جرت انتخابات الآن، لخسر اليمين الحكم بنسبة كبيرة.

إلّا أن استطلاعا نشرته “معاريف” اليوم، أظهر معطيات جديدة حول الوضع السياسي وحول الحرب.

وبين الاستطلاع، فشل نتنياهو والليكود في الحفاظ على مكانتهما في زعامة الحلبة السياسية، حيث تراجعت مكانة نتنياهو كمرشح لرئاسة الحكومة وتراجعت حصة الليكود من مقاعد الكنيست. كما أن شعور الإسرائيليين بإمكانية تحقيق النصر في الحرب الدائرة على غزة تراجعت بدورها.

وأظهر الاستطلاع الجديد أنه على خلفية الشعور بالتخبط في القتال في قطاع غزة، واستمرار الجمود في قضية المختطفين، وحرب الاستنزاف المستمرة في شمالي فلسطين المحتلة– تراجعت شعبية الليكود إلى مستوى غير مسبوق بلغ 16 مقعدا فقط.

وبالنسبة للحرب، وردا على سؤال آخر: “يوم الأحد المقبل سيكون 100 يوم على 7 أكتوبر”.

عندما تنظر إلى الصورة العامة، هل تربح إسرائيل الحرب أم تخسرها؟” كانت الإجابات: فوز كبير 9%، لم تربح بعد ولكن في الطريق 53%، خسارة كبيرة 22%، لا أعرف 8%.

وبحسب الاستطلاع، فإن المعسكر الرسمي سيغدو أكبر حزب قيادي بحصوله على 39 مقعدا. وبعد ذلك مباشرة، يأتي حزب الليكود بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والذي كما ورد في الاستطلاع الحالي، يحصل على 16 مقعدا فقط. ويحصل حزب “يش عتيد” بزعامة زعيم المعارضة عضو الكنيست يائير لابيد على 13 مقعدا، أما حزب “إسرائيل بيتنا” بزعامة عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان فيحصل على 10 مقاعد في الكنيست الحالي.

ويبين الاستطلاع فوز حزب شاس بزعامة عضو الكنيست أرييه درعي بـ 9 مقاعد، وعوتسما يهوديت بزعامة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بـ 8 مقاعد، ويهدوت هتوراة بزعامة وزير الإسكان يتسحاق غولدكنوبف بـ 7 مقاعد، وحزب الجبهة ـ الحركة العربية بزعامة عضو الكنيست أحمد الطيبي بـ 5 مقاعد، وحزب القائمة العربية بزعامة عضو الكنيست منصور عباس بـ 5 مقاعد. أما الصهيونية الدينية، بقيادة وزير المالية بتسلئيل سموتريش، فتحصل على 4 مقاعد فقط في الاستطلاع الحالي، وكذلك حزب ميرتس، أما حزب العمل وحزب بلد فلم يتجاوزا العتبة.

Exit mobile version