طلال سلمان

/هذا المساء/ »بهاء« الصحافة العربية

يستحق أحمد بهاء الدين، وعن جدارة، مرتبة »المعلّم« في الصحافة العربية.
وافترض ان طيف أحمد بهاء الدين لا يغيب عن اي صحافي عربي يتشرف بالانتساب الى هذه المهنة النبيلة لاتصالها الحميم بحقوق الانسان السياسية والاجتماعية والثقافية، لأنه ارسى مزيدا من التقاليد التي تحفظ للصحافة دورها الأساسي في المجتمع، كما تحمي الصحافي من خطر الانزلاق الى النجاح الرخيص باعتماد التهويل او المعلومات الناقصة، او بتغليب رأيه الشخصي على الحقائق الموضوعية، نتيجة الغرض والتكاسل او الاستخفاف بعقول الناس.
افترض ايضا ان منزلة »المعلم« محفوظة في صدور جيل او جيلين من الصحافيين المصريين، بالأساس، والعرب عموما، ممن عملوا معه فتتلمذوا على يديه، او قرأوا له وتابعوه منذ ان باشر الكتابة في »روز اليوسف« الى ان استولد من هذه المجلة الناجحة والتي تميزت بالشجاعة، مطبوعة »شبابية« رائدة هي »صباح الخير«، فالى ان تولى المسؤولية عن دار الهلال العريقة، بمطبوعاتها المتعددة، والتي لعبت دورا تنويريا طيبا منذ ان انشأها جرجي زيدان في مصر مع بدايات »عصر النهضة«.
انه »المعلّم« بامتياز.
علم أجيالا من المهنيين ان الصحافة تنوير لا تشهير، وان مهمتها السعي لنشر الوعي وتوسيع دائرته، وان الكلمة مسؤولية خطيرة، وان الاثارة والتهويل قد يوفران فرصة لنجاح سريع، لكنهما سيؤديان في خاتمة المطاف الى نتائج مدمرة.
يكفي ان احمد بهاء الدين الذي عاش في زمن جمال عبد الناصر استطاع ان يحافظ على رصانته حتى وحمى الحماسة تأخذ الجماهير الى مبايعة غير مشروطة لهذا القائد العربي العظيم، واستطاع ان يمارس شرف نقد النظام من داخل تأييد الايجابي فيه والحرص عليه.
لقد رحل احمد بهاء الدين بعد عمر حافل بالانتاج عالي المستوى، من دون ان يترك خلفه »خصما« بالمعنى الشخصي، وان كان قد ترك علامة بارزة في تاريخ الصحافة العربية المعاصرة وساهم في ارساء تقاليد ثابتة لممارستها بوصفها »قلعة الديمقراطية«، كما انه ساهم في تجديد روحها بالنجاح في مخاطبة الشباب واستعادتهم الى ميدان القراءة بعدما كانوا قد غادروه يأسا او لفقدان الأمل في دورها الذي لا غنى عنه.
صباح الخير من بيروت يا »بهاء« الصحافة العربية…
تعرض »أوربت الثانية« عنه حلقة في برنامج »شخصيات في حياتي« الذي تبثه تمام التاسعة والربع مساء اليوم.

Exit mobile version