طلال سلمان

نقاش رجالي اسمر لمقررات نساء بيضاوات

في رحاب القيم الليبرالية السامية للمجتمع الغربي، تمّ اتخاذ القرار التاريخي بتحرير المرأة من أبيها وأخيها وزوجها وأرضها ومجتمعها ودينها لكي تتمكّن من الاستمتاع بحقوقها كاملة غير منقصوة، بدءù بالميراث مرورù بإمكان الاقتراض وانتهاء بالحرية الجنسية.
وكما أن للرجال »نموذجù« عالميù واحدù، فالمساواة تفرض أن يكون للنساء نموذج واحد لا غير، في هذه القرية العالمية الصغيرة.
رجل واحد، امرأة واحدة، قيم واحدة وحاصل الجمع: النظام العالمي الجديد.
السيد هو السيد، في مجال الذكورة كما في مجال الأنوثة، ناهيك بالجنس الثالث أو الجنس الموحد،
وبينما تخرج الصين العظيمة من »الزي الموحد« الذي فرضته عليها ذات يوم الثورة الشيوعية، فإن حمى الثأر الغربي من العقائد عمومù ومن فكرة التحرّر الوطني خصوصù تجيء الآن لتفرض على الأكثرية المطلقة من سكان المعمورة »الزي الموحد« في القيم والتقاليد والعادات السائدة في المجتمع الغربي، باعتبارها الطريق إلى تحقيق إنسانية الإنسان!
الحرية الجنسية أولى بالرعاية من حرية الأرض،
والمساواة بين الرجل والمرأة تحتل مرتبة متقدمة على المساواة بين الشعوب في مصادر الثروة أو في مناهج التطور أو في وسائل التقدم العلمي.
لا يهم أن تكون الدولة مستعبدة، مصادَرٌ قرارها الوطني، محتلة أرضها، منهوبة مواردها، محرومة من الدور وحق الرأي في ما يتصل بشؤونها،
الأهم أن تتساوى المرأة بالرجل في التسليم بسيادة »الرجل الأبيض« عليهما معù، وأن يسلما أطفالهما لمن يدرّبهم على أسرع الطرق للخروج من تاريخهم ومن مكوّناتهم الوجدانية ومن موروثهم الثقافي ومن منظومة القيم التي تحفظ كرامة الإنسان من دون أن تسبِّب إهدار حقوقه الطبيعية!
لقد أصدر »السيد« أمره إلى »رعاياه« و»عبيده« بأن يتطوّروا عن طريق تقليده والنقل الحرفي عنه، فحرق المراحل هنا يندرج في خانة التعجيل بتمكين الإنسان من ممارسة حقوقه!
هو غير معني بأسباب تخلّفهم وتعثر محاولاتهم لاستيعاب روح العصر، لأنه غير مستعد لأن يخضع للمحاسبة والمساءلة عن واقعهم المتردي،
وهو يرفض أي مناقشة لعوامل قهرهم الداخلي، سياسيù واجتماعيù، بدكتاتوريات تستظل تبعيتها له ودعمه المطلق لها مع وعيه الكامل بطبيعتها الفاشية وتنكرها المنهجي لحقوق الإنسان واستيلادها للقوى الظلامية التي تحاول شد المجتمع إلى الخلف، بحيث يبقى أسير تحكّمها في الداخل وأسير التبعية ل»السيد الأبيض« من دون »حرياته« و»قيمه« وشعاراته التمويهية المقدسة مثل رفعه راية »حقوق الإنسان«.
إنه تواطؤ بين قاهرين للمرأة والرجل، وممنوع الفصل بينهما، لأن ذلك قد يفتح باب التقدم الحقيقي للمجتمع، فيخرج من حظيرة الدكتاتورية في الداخل والتبعية »للسيد« في الخارج.
كيف تكون حرية لامرأة مجتمعها كله يرسف في إسار »القاهريْن«؟!
وهل يستطيع الرجل المستعبد أن يعطي حرية لغيره؟!
أليسا شريكين في مسرات العمر وأتراحه: من أين يأتيها بالسعادة المنشودة وهو ذليل، يفتقد رجولته كما سائر حقوقه كإنسان؟!
إنه يقاسمها ما يملك بعدالة مطلقة،
وهما الآن متساويان في الظلم، ولن يزيدهما العراك على حقوق مسلوبة أصلاً ولا يملكان القرار فيها، إلا تعاسة فردية فوق التعاسة الجماعية.
وهل عرف الرجل نفسه، قدراته، حقوقه، جسده، عقله، ثم حجب ما ينعم به عن رفيقة العمر وقارورة العطر؟!
لا السعادة تجيء بالطائرة من الخارج، ولا الحرية تركب إليك الباخرة، ولا تطوّر المفاهيم والقيم ونسخ القديم المتآكل والمتعفن يتم بالأمر العسكري وبالضرب بكعوب البنادق، أو باستعراضات الأساطيل ذات الأرقام والطائرات الشبح!
تنهض بالمجتمع الأفكار المتفتحة كما زهر الليمون بضوعه النفاذ،
ينهض بالمجتمع الصراع الطبيعي الذي عادة ما يبلغ ذروته فيفتح باب التغيير بالثورة المتفجرة في الأرض التي وقودها الهموم والعذابات والطموحات والأحلام إلى تحقيق الذات.
والمرأة العربية غائبة نتيجة لتغييب الرجل وليس لحضوره الطاغي عليها وعلى حقوقها.
والحرمان »سمة قومية«، سمراء تتشكّل منها ملامح النساء والرجال في هذا العالم العربي (والإسلامي)،
والتخلّف ناتج القهر وليس بالضرورة ابنù شرعيù للدين،
والخروج من كهف التخلّف والقهر لا يتم فرديù، بل جماعيù، ولا يطالَب به الرجال وحدهم أو النساء وحدهن، بل هو الهدف المرتجى لكليهما ولمجموع المحقّرة إنسانيتهم والمضيّعة كرامتهم داخله.
شكرù على التحريض من أجل تعميم الفتنة على كل بيت عربي ومسلم.
وهو تحريض سيطيل من عمر العبودية المفروضة الآن على الرجل كما على المرأة على امتداد العالم غير الأبيض.
هل يريد »الرجل الأبيض« أن يشلِّحنا أيضù نساءنا السمراوات الفاتنات؟!
… وماذا نفعل بتراثنا الشعري وأكثره غزل بهن؟!
تمتع، إذاً، من شميم عرار نجد فما بعد »مؤتمر بكين« من عرار!

Exit mobile version