طلال سلمان

نداء من اجل حماية الثورة: انتصروا بالوطنية على دعاة الفتنة!

.. ها هي دولتنا “تنهار” امام عيوننا، ونحن لا نملك غير.. الشارع!

الحكومة مستقيلة حتى عن تصريف الأعمال: رئيسها المستقيل يتسلى بين اليوم والآخر بتسمية واحد ممن يرغب بحرقهم، فاذا ما “احترق” المنافس المحتمل اسعده هذا التصرف الذي يدغدغ غروره: ها قد صرت مثل ميشال عون، ومثل نبيه بري أحظى بمرتبة: انا أولا احد!

اما الوزراء الذين “استقيلوا” ولم يستقيلوا فمنهم أي الاكثرية التي شغلتها الحقائب الوزارية عن مصالحهم الخاصة برغم اجتهادهم في دمج العام بالخاص، فانهم يجتهدون في حرق اية فرصة للبدلاء المحتملين، بينما يعتصم الباقون بالصمت لكي يحموا فرصة دعوتهم، من جديد، إلى مأدبة اصحاب المعالي..

فأما النواب الذين نادراً ما يجتمع عقدهم باعتبار انهم بلا عمل اصلاً، وان ظلت رواتبهم تصلهم كل آخر شهر فانهم يتجولون بين المقاهي، ويلبون الدعوات إلى الغداء والعشاء او إلى كوكتيلات السفارات لمناسبة الاعياد الوطنية للدول الأخرى فيتسامرون ويتغامزون على المطروحة اسماؤهم للحكومة المتعسرة ولادتها.

.. والشعب في الشارع يهتف من دون أن يتعب: ثورة، ثورة .. ثم يأخذه الهتاف إلى النشوة فيتيه عن الطريق إلى التغيير!


هذه كلها من التفاصيل التي لا يمكنها ا ن تحجب او تخفي الاسئلة المعلقة، ومنها:

أولاً: أن العملة الوطنية تنهار.. فالليرة إلى هبوط مستمر والدولار إلى صعود يومي. ودخول اللبنانيين عموماً بالليرة التي لم تعد تنفع في شراء الخبز الكافي للأسرة والمصارف تقفل ابوابها خوفاً من “شغب محتمل” قد يدمر واجهاتها ومكاتبها الفخمة وخزائن الزبائن وايداعاتهم.

ثانيا: المحلات التجارية، سواء الكبرى (السوبر ماركت) او الصغرى، تفتقد الزبائن، خصوصاً وان اصحابها قد رفعوا اسعار بضائعهم بذريعة انهم لن يجدوا غيرها بسهولة وبالأسعار القديمة”!

أي أن الدخل تتناقص قيمته كل صباح، باعتبار أن الرواتب بالليرة التي تذوب قيمتها مع كل شمس جديدة، في حين الاسعار ترتفع بغير سقف.

ثالثاً: لا مرجعية، لا في الدولة، ولا خارجها، قادرة على تحديد المدة الزمنية التي يحتاجها الحكم للخروج من مأزقه، الذي بات الآن مأزقاً وطنياً.

فرئيس الجمهورية الذي فوض صلاحيات تشكيل الحكومة وتسمية البديل من سعد الحريري إلى صهره ـ وزير الخارجية السابق ـ وصاحب الكلمة الأولى والاخيرة عند “حميه” الجنرال ـ الرئيس ميشال عون.. وهو قد نجح ـ حتى الساعة ـ في “إحراق” بعض المرشحين المحتملين: محمد الصفدي، وبهيج طبارة، وسمير الخطيب الخ..

لكأن الجميع يتسلى بهموم اللبنانيين التي تتدرج صعوداً نحو الاختناق. على أن ذلك لم يمنع “الداماد” من متابعة القاء الخطب في المهرجانات المفتعلة لتأكيد الحضور، لا سيما امام “عديله” الجنرال شامل روكز، والذي بات الآن في موقع الخصم.

رابعاً: في هذه الاثناء ولا يتعب الرئيس نبيه بري من توجيه الانذارات بعدما سئم من توجيه النصائح التي لا يؤخذ بها، فيطالعنا كل اربعاء، وبعد جلسة نيابية تجمع خليطاً من النواب متعددي التوجهات، بمجموعة من المواعظ والنصائح والالحاح في الدعوة إلى اخراج البلاد، بدولتها، من الازمة التي تكاد تعصف بها..

ولا بد انه لم يجد بعد الجواب الشافي عن وقوف طوابير الجند ممن حشدوا في محيط المجلس، وعدم تصديهم للمتظاهرين الذي اقتحموا ساحة النجمة ومنعوا النواب من الوصول إلى مجلسهم الذي يدوي فيه الفراغ!


إلى أين من هنا؟

لا أحد يملك جواباً.

بلاد بلا حكم ولا حكومة وبلا مجلس نيابي..

والشعب في الشارع.. والفتنة تطل برأسها، كما شهدنا في الايام القليلة الماضية.

وصحيح أن الشعب قد اثبت انه اكثر حرصاً على الوطن من المسؤولين عن دولته، وانه أقوى من الفتنة ومدبريها.. (كما حصل بين الشياح وعين الرمانة..)

..لكن الجوع كافر.. وما أكثر من يحاول استغلال جوع الناس لحرف اعتراضهم بالمسيرات السلمية والاقامة الدائمة في الساحات في انتظار تحقيق المطالب المشروعة.

والحمدالله أن الشعب قد دل على رقيه ووعيه ونبذه الصدام في الشارع ودفعه نحو حرب اهلية “تحرق الأخضر واليابس”.

لكن الجوع كافر، ومن لا يجد قوت عياله لن يتورع عن تحطيم المتاجر والسوبر ماركت التي تدل على غنى اصحابها، انتقاماً من نهابي المال العام وممن جنوا الارباح الحرام من عرق جبينه.

كذلك فان هذا المواطن لن يغفر لهؤلاء المسؤولين، من هو في السلطة الآن ومن سبق له أن كان فيها، اهماله حقوق الناس على دولتهم بقيادتها الميامين الذي اشتركوا في نهبها والاستيلاء على المال العام لإكمال سيطرتهم على المال الخاص باستغلال حاجة الرعايا إلى الغذاء والكساء وابسط شروط الحياة.. مع الكفاف.


هل من الضروري التنبيه إلى أن هذه الانتفاضة المجيدة التي عاشت سلمية، انيقة، منعشة، رائدة للشعب العربي في مختلف اقطاره، منددة بعجز السلطة عن تحقيق المطالب المشروعة التي حركت الجماهير ودفعتها إلى ميادينها وساحاتها في مختلف انحاء البلاد: عكار والضنية وزغرتا وطرابلس الفيحاء في الشمال وصولاً إلى جونية فجل الديب، ومن الدامور إلى برجا وعاليه والشويفات والجية حيث يرقد شهداء الثورة علاء ابو فخر، حسين العطار، حسين شلهوب وسناء الجندي، إلى الجنوب من النبطية إلى صور ـ التي رممت خيام ميدانها بعد الاعتداء عليه ـ إلى صيدا وميدان ايليا، فإلى زحلة وبعلبك التي واجه اهلها من حاول منعهم من الالتحاق بالثورة وحفظوا ميدانهم والهرمل التي اعادت ذاتها إلى خريطة البلاد..

إن هذه الانتفاضة المجيدة التي انتصرت على من حاول تحريك الغرائز الطائفية والتي يجتمع على محاربتها الآن اهل السلطة واهل الدولار وعملاء الخارج واعداء السلم الاهلي، ما تزال جماهيرنا في الميدان صامدة خلف مطالبها المحقة..

ولكن.. (قاتل الله هذه الـ”ولكن”…)

ولكن الفتنة قد تستيقظ وقد تلتهم مع المطالب وحدة الشعب ودولته.

فهل في البلاد، بعد، من يتنبه فيتحرك لإنقاذ البلاد والعباد من هذا “المجهول” المعلوم.

Exit mobile version