طلال سلمان

نداء الى من وزع سلاح استعيدوة قبل ان يقتل اهلة

لنقلها صراحة وعبر نداء علني مكتوب بدماء الضحايا الأبرياء الذين سقطوا وسوف يسقطون نتيجة الفوضى المسلحة في البلاد: على من وزع السلاح في بيروت وضواحيها وسائر أنحاء لبنان، أن يستعيده ويعيده إلى مستودعاته وبمسؤوليته المباشرة، كخطوة أولى وحاسمة على طريق التسوية الوطنية العتيدة.وهذا النداء موجّه إلى الأحزاب والقوى والتنظيمات السياسية جميعاً، لأنها تتحمل المسؤولية عن سوء استخدام السلاح وعن الضحايا الأبرياء الذين يتساقطون في بيروت وضواحيها كما في سائر المناطق، ولا تنفع في تعويضهم الأعزاء الذين فقدوهم أو ما تبقى من هناءة عيشهم التعويضات أو الاعتذارات علنية كانت أم ضمنية <حتى لا يشمت بنا الخصوم>.لم يعد السلاح فردياً. لقد وزع كل طرف سياسي السلاح على محازبيه ومناصريه بقرار. وليس من الإنصاف أن تحمل القوى العسكرية والأمنية المسؤولية عن ضبطه بالمصادرة وإيقاف مطلقي النار الذين غالباً ما يحظون برعاية تجعلهم محصنين ضد المحاسبة فكيف بالعقاب؟!وإنها خطوة أولى أن تصدر الأحزاب والتنظيمات السياسية بيانات توحي برفع الغطاء عمّن يلجأ إلى السلاح في التعبير عن فرحه أو غضبه نتيجة <انتصار> على خصم، أو كرد فعل على <تراجع> أمام <منافس> صيّرته الأغراض والأحقاد والعمى السياسي <عدواً>… لكن هذه الخطوة <المعنوية> لا تكفي، بل لا بد من قرار كبير بأن يظل الصراع السياسي سياسياً، يخاض سياسياً ويحسم سياسياً… وللسياسة فعل أقوى من أي سلاح خصوصاً في بلد دقيق التوازنات وهش التكوين مثل لبنان.لقد بلغ الاصطفاف السياسي ذروته الخطرة طائفياً ومذهبياً، ويستحيل كسره بقوة السلاح، فضلاً عن أن اللجوء إلى السلاح يذهب بالوطن والدولة ووحدة الشعب ومصيره جميعاً.إن فوضى السلاح قاتلة للوطن، بأحزابه وتنظيماته جميعاً.ثم إن اللبنانيين هم أمهر الرماة: إنهم يغتالون ما يعتبرونه انتصاراً فور ولادته، ويحيلون عرس الفوز إلى مأتم يذهب معه الفوز وأهله باستخفاف لا يصدق… وعند الدفن يطلقون الرصاص حزناً!فالرصاص لغة تصلح للمناسبات جميعاً: للربح والخسارة، <للتزريك> والنكاية، لإعلان الابتهاج كما للتعبير عن فجيعة الهزيمة!وإذا كان متعذراً الوصول الآن، وفوراً، إلى التسوية السياسية الشاملة، و<بعث> الدولة بقدرتها الشرعية الرادعة، فلا أقل من أن ترحم القوى السياسية <أهلها> فتحميهم ممن يندفعون في مناصرة هذا الفريق أو ذاك ضد الطرف الآخر، وبالسلاح، إلى حد اغتيالهم أو تهديد حياتهم أو حرمانهم من أن يطمئنوا إلى سلامتهم داخل بيوتهم.والحماية هنا مشتركة: فحماية الجمهور هي هي الحماية الفعلية للتنظيم السياسي ولشعاراته المركزية، لصور قادته والأعلام والرموز، التي بها يستقطب الناس. ومطلق الرصاص عشوائياً إنما يصيب أول ما يصيب بناره تنظيمه وشعاراته، ولكن الضحايا غالباً ما يكونون من بين المواطنين الأبرياء.. من السياسة!إن أي حزب في لبنان، بما في ذلك الأقوى والأعظم قدرات عسكرية، لم يصل إلى قلوب الجماهير وإلى ضمائرها، ولا هو استقطب المناصرين بإظهار سلاحه في شوارع المدن والقرى، بل بصور شهدائه المجسّدين لتضحياته من أجل حرية الوطن والمواطنين.إن الصراع السياسي لا يحسم بقوة السلاح، بل إن السلاح لا يعطل فقط هذا الصراع بل هو عامل خسارة مؤكدة لمن يظهره أو يستخدمه أو يستقوي به، ولو تلميحاً. فالثقة لا تكتسب بقوة السلاح في الداخل بل هي قد ارتبطت وترتبط دائماً باستخدامه ضد العدو حصراً لتسلم حياة الوطن والمواطنين، على اختلافهم سياسياً.

Exit mobile version