طلال سلمان

مهمة هذا الموقع

..وتسألني : ماذا يشغلني بعد “السفير”.. وهي اليوم تبدأ عامها الرابع والاربعين؟
يشغلني ما كان يشغلني قبل “السفير”، وخلال دهر إصدارها. بل وما قبل إصدارها والاستمرار في تحمل أعباء هذا الإصدار، وكل ما اتصل به ونتج عنه من فرح وإحساس ممتع بأننا قد حاولنا ونجحنا في التعبير عن ضمير الناس وفي رفع صوت الذين لا صوت لهم، كما في خدمة قضايا امتنا بكل ما نستطيع من جهد وما نملك من خبرة وما يعمر قلوبنا ووجداننا من أيمان.
لقد اجتهدنا، زملائي وأنا، في أن نخدم قضايا امتنا في وطننا العربي الكبير، انطلاقاً من بيروت ـ الأميرة، كتاب العرب ومنتداهم الفكري جامعتهم ودار ضيافتهم وصحيفة الصباح… عبرنا عن ضمير الناس وعن طموحهم إلى التحرر وتحرير إرادتهم بعد أرضهم، وبناء غدهم الأفضل، وعن شوقهم إلى التقدم ولعب دورهم الثابت والمؤكد تاريخياً في خدمة قضايا الإنسان وحقوقه.
حاولنا بقدر الطاقة أن نؤكد المؤكد في هوية لبنان العربية وفي دوره وإسهامه الثابت في النهوض العربي، فكرياً وثقافياً، وان تكون “السفير” شهادة جدارة في هذا المجال: صحيفة العرب، كأمة ذات تاريخ مضيء، وذات حق ثابت في الإسهام في الحضارة الإنسانية، وان تكون صوت الناس، المعبر عن ضميرهم، حاملة راية حقوقهم في وطنهم وهم بُناته وحماته والمساهمون في صناعة دوره الحضاري.
أنني، بداية وانتهاء، صاحب قلم، وصاحب تجربة عريضة في عالم الصحافة، وقبل ذلك وبعده صاحب قضية مشرفة، وحامل أوجاع ممضة نتيجة الخيبات وتهاوي الآمال قبل الأحلام وبعدها.. فلقد عشت، مع أبناء جيلي نمد أيدينا ونقطف النجوم، نتطلع إلى الوحدة العربية فنراها في مدى أذرعتنا، والى التقدم فنراه حقنا الذي يمكننا أن نحققه بسواعدنا مع عقولنا وجهدنا، والى التحرر الكامل بعنوان تحرير فلسطين من مستعمرها ومسترهن إرادتنا الاحتلال الصهيوني المعزز بالدعم الدولي المفتوح..
ومع التواضع فإنني افترض أن تجربتي الشخصية والمهنية تستحق أن تُروى، ولسوف احاول في موقعي هذا أن أرويها، متمنياً أن يكون فيها ما يفيد الناس.
لقد عشت في قلب الأحداث تجربة عريضة عرفت خلالها معظم الأقطار العربية، بشعوبها والتضحيات الغالية التي تكبدتها من اجل الكرامة والاستقلال واستعادة قرارها الحر… عرفت العديد من القيادات السياسية، بعضها رجع إلى ربه، وبعضها الأخر ما زال حيا. عرفت مئات من المبدعين والمثقفين، شعراء وكتاباً، بحاثة ومفكرين، ممثلين وممثلات ومخرجين، مطربين ومطربات سكنوا ضمائرنا وأغنوا وجداننا. وعرفت البلاد العربية بأهلها الفقراء الطيبين من اليمن السعيد إلى المغرب الأقصى، مروراً بالعراق وأقطار الجزيرة العربية وسوريا ومصر التي علمتنا وأرشدتنا إلى الطريق ومعها ليبيا وتونس والجزائر نشيد نضالنا الذي لن يهدأ ولن يتوقف حتى تحقيق أماني الأمة المجيدة التي تستحق حياة أفضل ودوراً يليق بتاريخها.
أتمنى أن يكرمني الله بشيء من العمر يتيح لي أن اروي تجربتي لعلها تفيد زملائي وإخواني الذين يصرون على أن يجدوا مستقبلهم الأفضل في مهنة البحث عن المتاعب، إحدى ركائز الغد الأفضل.

Exit mobile version