طلال سلمان

من غزّة إلى خانيونس فرفح: إلى متى؟

غزة ـ حلمي موسى

الحملة العسكرية على القطاع تزداد شدة خصوصا بعد الفيتو الأمريكي على وقف النار في مجلس الأمن. والدبابات الصهيونية مازالت تتقدّم على الرغم من المقاومة الشديدة في محاور عدة في خانيونس البلد.

وصارت الدبابات على مسافة مئات الامتار تقريبا من البيت الذي أقيم فيه وقد قرر أهله أنه لم يعد من الآمن البقاء في المنطقة. لذلك حان وقت التحرك نحو مكان ما، مكان آخر مفترض أنه آمن. أنا شخصيا لا أؤمن أن هناك أماكن أكثر أمنا من أخرى، ولكن المعضلة هي الاحساس القاتل بالخوف لدى الناس. وأحيانا لا يمكن للعقل ان يعمل خصوصا مع اقتراب الدبابات، وسماع ما يجري في شمالي غزة. إلى رفح تقرر الرحيل..

المشهد في رفح يختلف بعض الشيء عنه في خانيونس. وبرغم أن رفح هي جزء من القطاع، إلّا أنها تختلف بعض الشيء عن باقي مناطق. فهي المنطقة الأقرب للصحراء في السهل الساحلي لفلسطين، وربما هي في الأصل جزء من الصحراء. وبالرغم من أن سكّانها لا يختلفون قط عن باقي سكان القطاع، وخصوصا مخيماته، إلّا أن طبيعة المنطقة الجغرافية أثرت كثيرا في الناس.

وكانت رفح، برغم صغر مساحة القطاع، تعتبر بعيدة جدا في نظر غالبية الناس في باقي أنحاء القطاع. وعندما تقول إنك ذاهب الى رفح، كان يُعتقد إنك ذاهب الى آخر الدنيا. إلّا أن الحرب جعلت غالبية أهالي غزة تقريبا يغيّرون موقفهم من رفح ويصلونها مرغمين.

وامتلأت رفح بأهل غزة في بيوتها وشوارعها. حتّى ان المزارع والصوبات الزراعية امتلأت بأهل غزة الهاربين من بطش الاحتلال. وطبعا، ازداد الوضع في رفح تفاقما مع وصول جزء من سكان خانيونس الأصليين وغالبية النازحين اليها من شمالي غزة ووسطها.

ويمكن القول ان التكدس السكاني في رفح فاق كل معقول، خصوصا وأن بنية رفح لم تكن مؤهلة لاستيعاب هذه الاعداد من النازحين. وفعلا، تجد أن المدارس كلّها والمنشآت العامة مليئة بأضعاف قدرتها الاستيعابية. كما تجد ان المناطق الفارغة مليئة بالخيام المرتجلة المصنوعة من بعض الأخشاب والنايلون. واستجار البعض بحظائر بيوت، حيث نصب خياما. وتقريبا، لا تجد مخزنا أو محلا غير مستخدم لم يتحول الى ملاذ للنازحين. وكل من وجد سقفا شعر بأنه محظوظ. فهو أفضل حالا ممن بقوا في الشوارع او تحت الاشجار.

ومع أن رفح هي من المناطق الأقل عرضة لسقوط الامطار في الشتاء، فان بردها الصحراوي القارس يحلّ قاسيا جدا على من لم يجد سقفا يأويه. وليست المشكلة الوحيدة في رفح هي المكان او غياب الملاذ، وإنما ايضا الشح في كل شيء: الماء والغذاء والحطب و..و..و.. الى ما لا نهاية.

والمشكلة الأكبر هي أن القدرة على الاحتمال، مع استمرار الحرب، تبدأ في التناقص لدى الناس، مع بداية انتشار الأمراض بسبب الجوع أو البرد او لأي سبب آخر. الخوف مما حدث ويحدث في شمالي غزة وما يحدث في خانيونس، يزيد في ارباك الناس بالرغم من استمرار الهدوء النسبي في رفح.

والسؤال الكبير هو متى سيأتي دور رفح ومتى ستنتهي معاناة النازحين والسكان فيها؟

Exit mobile version