طلال سلمان

من الأقوى عون أم باسيل أم؟؟؟

هل نحن دولة؟

مستحيل. لدى لبنان مناعة ضد الدولة. هي موجودة في النصوص فقط. انها دويلات هجينة تتقلص، لتصير كل دولة شبيهة لأصحابها. كلما زاد خطاب الدولة، كلما كان الكذب عالي النبرة. الدولة مستحيلة في لبنان، والبراهين على ذلك يومية.

هل نحن مجتمع؟

مستحيل. لدى لبنان مضادات قوية، ضد تشكل مجتمع. البشر في لبنان، لم يكتفوا بحدود لبنان، فتجاوزوها الى حيث للطوائف متكآت إقليمية أو دولية. لكل جماعة عاصمة برانية، خارج الحدود… والبشر في لبنان، يفردون، بلغة زياد الرحباني. الاختلاط وصل الى حدود المنع. الحدت شاهد على ذلك. لكل جماعة حدود. اعرف حدودك الداخلية كي تسلم.

كل منطقة سيادية، ذات أغلبية طائفية.

هل لبنان قوي؟

باستثناء مقاومة اسرائيل، هو أوهى من خيوط العنكبوت، أمام “جمهورياته” الطائفية. كل “جمهورية صغيرة”، أقوى من لبنان الكبير بمرات. حقوق “الجمهوريات” أقوى من حقوق الدولة. الأدلة كثيرة. يكفي أن كل جمهورية تستقوي على منافسيها من الجمهوريات، بدعم دولة اقليمية قوية ونافذة، وتصلي على مذهب “مقدس”. مشكلة جنبلاط أن جمهوريته مختلطة وفاقدة للدعم الخارجي القريب والبعيد. لذا، سيتنازل ليتعايش بانتظار ملاءمة الريح لا شرعته.

هل الرئاسة قوية؟

مستحيل. الرئاسة، ومن يعبر عنها في العائلة المالكة، ترفع الصوت عالياً جداً. وحده الصوت قوي. له ارتدادات منتظمة، سرية وعلنية. حتى سعد الحريري يغضب قليلاً، ثم يهدأ كثيراً. الحق على “التفاهم”. هناك غالب ومغلوب. سعد مغلوب على أمره. باسيل أقوى منه. كل تصريح يحتاج من قبل خصومه أو أعدائه، الى حبوب مهدئة، لئلا…

لا قوة للرئاسة والرئيس. لأن الدولة يعاد صياغتها، وفق نظرية الرئيس عون: الأقوى طائفياً. فليذهب الضعفاء الى صرير الأسنان. والأقوى طائفياً في طائفته، تفرض حتماً، أن تكون الحصص موزعة على الأقوياء، أما الفتات فيسمى الكفاءات. لم تحصل حتى الآن لمسة اصلاحية، ليتعافى قسم من لبنان. التنمية معدومة. العدالة منعدمة. الفساد يضحك من الجميع. فهو محمي من الأقوياء جداً. الموازنة التقشفية، أصابت الضعفاء جداً. انهم غلابى هذه الدولة المسبية. قوة الرئيس في نظام طوائفي، تشتت. وعندما يخف وهجها، تفتج الدفاتر العتيقة: الكحالة نموذجاً، سوق الغرب رسالة. اغتيال كرامي توظيف… أوركسترا بقيادة من يجيد حمل العصا، من دون التنبه الى هذا الطريق يصل الى قبرشمون.

هل سعد الحريري قوي؟

يحتاج الى برهان. هو الأضعف بين الأقوياء، ولكن حصته محفوظة. يُقال: شعبيته تتآكل، يوماً بعد يوم، “تضيق ذات اليد والمال”. يقوى أحياناً، لتطاول الماروني الأقوى عليه وعلى سواه. وهذا سلاح شديد الفتك. إن تخلى عنه باسيل، فقد دوره وبات خيالاً لماضٍ لا أحد يشتهي عودته. ليس عند الحريري، خطوط خلفية. انه على خط دفاعه الأخير. السعودية لم تعد كما كانت. السعودية تنتشر في لبنان. عندها أكثر من رجل. لذلك يداري الرئيس عون ومندوبه الدائم. يتذمر ولا يتقدم. ومع ذلك، فما زال، على هزاله، هو الأقوى.

هل نبيه بري قوي؟

طبعاً. قوته في صمته. يقول كلاماً مختصراً وعمومياً. يدير لعبة الخيوط سراً. دروبه مفتوحة على جميع الأقوياء. لا يخشى الرئيس ومندوبه المتنقل. لديه احتياط من الحيطة والصمت، وطريقة سرية في تحريك حجارة الشطرنج. عسكره موجود ومنتشر. نوابه “سنكي طق”. حصته مكفولة أولاً. “حزب الله” يداريه. يبتعد عنه خطوة، ليعود ويسير معه خطوتين. هو الأقوى بلا صراخ. صمته سلاحه. كمونة استراتيجية. يعرف متى وكيف يصير زعيم المصالحات. من تحت إبطه ومن اكمامه، ألف حمامة… ليست معظمها حمامات سلام. مطمئن الى حليفيه، سوريا و”حزب الله”..

هل وليد جنبلاط قوي؟

كان قوياً. انتهى ذلك الزمن. يتعرض للحذف. صوته يعلو لأنه في مأزق. السنة في مناطقهم أقوياء، ينافسهم سنة من الدرجة الثانية أو الثالثة الشيعة متمكنون. التحالف صامد. أما جنبلاط فيعيش بلا بوصلة. الجبل ليس ملكه الى الأبد. هناك رغبة قوية في مشاركته ندياً. وقد يتغلبون عليه. الجبل لم يعد طابعه جنبلاطياً. ويعيش بلا سند خارجي. الحصار يضيق، فمن أين المفر… الرقص الذي كان يتقنه على حبال السياسة، انتهى. لقد تمت قصقصة الحبال. باتت الطرق واضحة المعالم. الرسالة التي تبلغها: خذ حصتك على قياس حجمك. وغيرك له حصة. جنبلاط ليس معتاداً أن يكون ثابتاً، فكيف يقبل بأن يصبح أخيراً… كارثة!

من الأقوى إذا؟

طبعاً، ليس لبنان، وليست الجمهورية التي ينتسب اليها جعجع. انه يبلع السكين. الرئيس يتجاهله. جبران باسيل يصوب بالأسلحة الثقيلة والممنوعة. المصالحة كذبة. لا عدو يعلو على عداء باسيل له. يرضى جعجع بالفتات. يراهن على تحالف مع عدوه فرنجية. حصته قطعة جبن لا أكثر. يتقرب من الحريري. ليس عند الحريري ما يعطيه. الحريري بحاجة الى من يعطيه. بري يداريه ويمالئه، ولكنه ليس من خطه.

الأقوى في مواجهة التحدي الاسرائيلي، هو “حزب الله”. وهذا معروف ورصيده جيد. أما الآخرون، فيستقوون على بعضهم البعض. وسط انسحاب الغلابى والعلمانيين واللاطائفيين المبعثرين في كل هنا وكل هناك.

بين هؤلاء الأقوياء، قوي واحد، هو باسيل. يتقدم من أعمدة الهيكل. وقد تسقط على الجميع. حكم الأقوياء كذبة. تصارع الأقوياء حقيقة. فمتى تأتي ساعة الحسم؟

ليت شعار الجميع، الدولة الضعيفة، لأنها ستكون أكثر رحمة بالمؤسسات ومقنعة في معالجة الملفات التي تكاد تخنق اللبنانيين وتفقدهم عملتهم اللبنانية، آخر حصن من حصون السيادة والعيش البائس.

أخيراً. الأقوياء سيكسبون، وسيخسر لبنان واللبنانيون.

Exit mobile version