طلال سلمان

منير غندور(صورة)

بين وجوه السعادة ان تحظى بجار محترم وصاحب رأي ورقيق المشاعر،
ولقد أسعدني حظي بجيرة طويلة، نسبيا، مع منير غندور.
لم نكن نلتقي كثيرا، ولكنني كنت أفرح بلقائه: بثقافته الواسعة، بتجربته الغنية، بدماثته البالغة ثم بتحليله الدقيق للأوضاع والذي غالبا ما كان يكثفه بتعليق سريع ينبض بالمعنى المختزن.
أحيانا كان يصادفني عند مدخل البناية فنتمشى لدقائق نتبادل فيها أخبارنا وأوجاعنا الوطنية والقومية، قبل ان يمضي كل منا ليحصد المزيد من الأوجاع الشخصية والعامة.
صباح الجمعة رحل »سعادة السفير«، بالهدوء الذي تعودناه منه.
ولف الحزن الوقور اصدقاء منير غندور، وما اكثرهم، وأقاربه ومعارفه: لقد فقدوا واحدا من الرجال المحترمين.
روى لي مرة انه دخل السلك الدبلوماسي خجلا… فمع بدايات الاستقلال اخذ رياض الصلح يبحث بين أبناء العائلات البيروتية خاصة عن مجموعة من الشباب المثقف لتحمل اسم لبنان الدولة الوليدة، وترفعه في العالم. وفي فرنسا جمعت المصادفة زعيم الاستقلال بالشاب منير غندور، واكتشف انه يحمل مجموعة من الشهادات العليا: ليسانس في الأدب الفرنسي من السوربون، ليسانس في الحقوق، ليسانس في العلوم الاسلامية من السوربون، ودكتورراه في العلوم من جامعة ستراسبورغ في فرنسا.
كان منير غندور قد عاد خلال الحرب العالمية الثانية، مضطرا، فدرّس في مدارس المقاصد الاسلامية وفي معهد الازهر… ثم بعد انتهاء الحرب عاد لاكمال رسالة الدكتوراه، وعمل مديرا للاذاعة العربية في »المنطقة المحررة« من فرنسا، بمدينة كليمنت فررون.
بين 1946 وتقاعده في 1978 تنقل منير غندور بين سفارات لبنان في كل من: اليونان، السنغال، فرنسا، تركيا، العراق، المغرب الأقصى والسويد.
وبعد عودة المحارب القديم، ارتضى ان يكون عضوا في اللجنة الاستشارية في دار الفتوى وفي مجلس إدارة مؤسسة محمد خالد الخيرية.
للخير وللعمل العام عاش منير غندور حتى حضرته الوفاة صبيحة الجمعة في 19/12/97.
رحل الجار المحترم، وخسرنا صديقا
والعزاء في نجليه عبد الرحمن وبلال ولجمهرة محبيه الكثر.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
»ط. س.«

Exit mobile version