طلال سلمان

مفاوضات التبادل في الدوحة: أنباء متضاربة

غزة ـ حلمي موسى

في اليوم السادس والأربعين بعد المئة، ونحن نقترب من نهاية الشهر الخامس للعدوان، يحدونا أمل كبير بأن ما مررنا به كان الأصعب، وأن المقبل هو أهون بكثير، ويزداد إيماننا بأن النصر قريب، وان شمس حريتنا ستشرق. فالعدوان منكسر، والاحتلال الى زوال.

***

تتعقد المفاوضات الرامية لإبرام صفقة تبادل الأسرى وإقرار هدنة تقود إلى وقف دائم لإطلاق النار، في ظل تضارب الأنباء بين تفاؤل وتشاؤم. ومع ذلك، ثمة إقرار بأن المفاوضات متواصلة، والوفد الإسرائيلي مازال في قطر، ومن المحتمل أن يكون اليوم حاسما بالنسبة لما ستؤول إليه الأمور، بعدما تبين أن الكابينت الإسرائيلي سيجتمع لمناقشة تطور المفاوضات.

وأشارت “القناة 12” التلفزيونيّة الإسرائيليّة إلى مرور أسبوع على استئناف الاتصالات، وإلى انطباع الدى لمسؤولين الإسرائيليين بوجود “تقدم طفيف” في المحادثات.

في الوقت نفسه، أعربت إسرائيل بالفعل عن أنها تهدف إلى التوصل إلى اتفاق قبل شهر رمضان، لكنها اعتبرت، في الوقت نفسه، أن “الفجوات (بين الطرفين) مازالت قائمة”.

ومن الواضح أن تفاؤل الرئيس الأميركي جو بايدن، بالإضافة إلى كلام مسؤولين مصريين عن احتمال الإعلان عن إبرام اتفاق يوم الأحد المقبل، يشيران إلى تقدم، ولو طفيف، في الاتصالات وإلى توجّه لتحقيق الهدف الأميركي.

وقبل يومين، كان بايدن قد ذكر، في إشارة إلى المفاوضات الجارية للتوصل إلى اتفاق، إنه “يأمل في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بحلول الاثنين المقبل”. وأمس، صادق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على كلام الرئيس الأميركي قائلا “نأمل أن نتوصل إلى وقف لإطلاق النار في الأيام المقبلة، مما سيسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع”.

وفيما لم تثر كلمات السيسي أي رد فعل بين الإسرائيليين، إلا أن كلام بايدن أثار جدلا كبيرا. ونقلت “القناة “12 عن مسؤولين إسرائيليين “رفيعي المستوى” قولهم إنهم “لا يعرفون علام استند بايدن في كلامه”، وذهبوا إلى حد تقليص مستوى التفاؤل معلنين أن “التطورات في المفاوضات هي سلبية في الواقع”.

إلا أنهم أوحوا أن للولايات المتحدة مصلحة في وقف إطلاق النار، لأنه سيكون “حجر الدومينو” الأول للتهدئة في المنطقة، كما أنه يصب في مصلحة بايدن الشخصية، لأن ولايته المقبلة تعتمد على نتيجة المباحثات الجارية.

وذكرت “القناة 12” أن الفجوات المتبقية في المفاوضات تتصل بتمسك حماس بوقف الحرب، في حين أن إسرائيل ليست مستعدة لتحقيق ذلك في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق. إلى ذلك، تطالب حماس بزيادة عدد المعتقلين الفلسطينيين التي تطالب بالإفراج عنهم ضمن هذه المرحلة، بالإضافة إلى عودة مهجري الشمال إلى غزة ومحيطها، وإلى انسحاب واسع للجيش الإسرائيلي من القطاع.

وبرغم رفض إسرائيل لمطالب حماس، إلا أنها مازالت تبحث مع الوسطاء عن حلول عملية لها.

وقد أشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إلى أن إسرائيل تنتظر ردود حماس على مبادئ مقترح “باريس 2” في ظلّ كلام عن “وجود تقدم طفيف ومدروس ومهم”.

ونقلت الصحيفة عن مصادر إسرائيلية قولها “مازالت هناك ثغرات قليلة تتطلب مرونة من الجانبين، كما أننا ننتظر إجابات حماس. الأهم هو مسألة الاتفاق على المعايير والأرقام في الفئات المختلفة”.

وتأتي هذه التصريحات بعد كلام رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية عن أن حركته “تبدي مرونة في التفاوض” على صفقة مع إسرائيل، لكنها في الوقت ذاته مستعدة لمواصلة القتال.

وقال هنية إن “أي مرونة نبديها في المفاوضات هي حرص على دماء شعبنا وعلى وضع حد لآلامه”.

ونقلت الصحيفة عن المصادر السياسية الإسرائيلية قولها أيضا “إننا نعمل الآن على الأعداد، وموضوع نشر القوات، ووقف إطلاق النار برمته. هناك العديد من الأمور التي يجب إتمامها. وهناك أمور أساسية لم نتلق ردودا عليها بعد”.

في غضون ذلك، من المقرر أن يجتمع كابينت الحرب اليوم لتسّلم تقرير عن المباحثات، بعدما غادر الوفد الإسرائيلي قطر اليوم. وكان المراسل السياسي لموقع “والا” باراك رافيد قد ذكر أن الخطة الأصلية تقتضي عودة الوفد الإسرائيلي من الدوحة اليوم الخميس، إلا إذا حدث انفراج في المفاوضات.

وبحسب “يديعوت أحرونوت”، وافقت إسرائيل في قمة باريس الثانية على إطلاق سراح 404 أسرى فلسطينيين مقابل إطلاق سراح أربعين رهينة من المستوطنين، وفق معايير مختلفة، يبلغ المعدل بينها عشرة معتقلين أمنيين مقابل كل مخطوف إسرائيلي. وبحسب اقتراح الوسطاء، الذي لم توافق عليه حماس بعد، فإن صفقة التبادل الإنسانية يجب أن تتضمن إطلاق سراح سبع نساء من ضمن صفقة المختطفين الأولى مقابل 21 أسيراً، أي ثلاثة أسرى لكل امرأة بحسب المعيار المتبع في الصفقة السابقة.

بالإضافة إلى ذلك، سيتم إطلاق سراح 15 محتجزا فوق سن الخمسين مقابل 90 أسيرا فلسطينيا (ستة مقابل كل رجل بالغ)؛ 13 مريضاً مقابل 156 أسيراً (12 أسيراً مقابل كل مخطوف مريض سيتم إطلاق سراحه)؛ وخمس مجندات مقابل إطلاق سراح 90 معتقلا – من بينهم 15 أسيرا حكم عليهم بأحكام مشددة. ومن بين السجناء الذين سيتم إطلاق سراحهم، بحسب الاتفاق، سيكون هناك أيضًا 47 أسيرًا أفرج عنهم في صفقة شاليط وأعادت إسرائيل اعتقالهم.

وكانت “رويترز” قد نقلت عن مصادر إسرائيلية قولها ن هناك اتفاق أيضًا على زيادة كبيرة في المساعدات الإنسانية التي ستدخل غزة بمعدل خمسمئة شاحنة يوميًا. وستسمح إسرائيل أيضًا بإدخال مئتي ألف خيمة للسكن المؤقت، وستين ألف منزل مؤقت (كارافان).

بالإضافة إلى ذلك، سيكون بوسع الوكالات الدولية أن تقوم على الفور بإعادة تأهيل المستشفيات في غزة والسماح بإدخال المعدات اللازمة لذلك. كما ستسمح إسرائيل بإدخال معدات ثقيلة لإزالة الأنقاض في القطاع.

وفي باريس، وافقت إسرائيل أيضًا على وقف جمع المعلومات الاستخبارية الجوية فوق قطاع غزة لساعات معينة يوميا، والسماح بعودة تدريجية للسكان إلى شمالي غزة باستثناء من هم في سن التجنيد.

وأشار مصدر إسرائيلي إلى أن الرسائل التي تأتي من حماس عبر الوسطاء هي رغبة في المضي قدما، ولكنها في الوقت نفسه رغبة تفتقر إلى المرونة. وأشار المصدر إلى أن الرسائل الواردة من حماس “عامة للغاية” وأن ممثلي الحركة “غير مستعدين للكشف عن مجالات المرونة” لديهم في مسألة “معايير” إطلاق سراح الأسرى والمختطفين قبل أن تقوم إسرائيل بذلك.

Exit mobile version