طلال سلمان

مصر وفلسطين

… وعندما نزل شبــاب مــصر الى «الميدان» أدركت إسرائيل أن الروح قد بدأت تــعود الى قضية فلسطين. فالثورة أو الانتفاضة أو أي فــعل تغيير يفرضه الشعب على الواقع العربي المهين يعيد فلسطين إلى دائــرة الفــعل..
ربما لم يركز شباب الميدان في مصر الثورة في هتافاتهم المدوية على فلسطين، ولم ينادوا بانطلاق مسيرة التحرير فوراً على طريقة «يا فلسطين جينالك»… لكن كل واحد منهم ترك بيته وفي صدر قاعة الاستقبال صورة شهيد أو أكثر من شهداء المواجهات العسكرية مع إسرائيل، منذ العام 1948 وحتى العالم 1973… وهي حــروب خاضـــتها مصر الملكية كما خاضـتها مـصر التـي صـارت جمهورية بثورة العائدين من ميدان فلسطين، وكانت بمجملها من اجل حرية مصر وهويتها ودورها في محيطها العربي ووزنها على المستوى الدولي الذي سيتبدل جذرياً بعد إقامة الكيان الصهيوني بالدعم الاستعماري المفتوح على أرض فلسطين.
يدرك شباب الميدان ان إسرائيل أقيمت بالقوة على ارض فلسطين لتقطع بين مصر ومحيطها العربي في المشرق، بما يشكل تهديداً مفتوحاً لمصر ذاتها كما لدورها في «الإقليم».. ومسألة «النقب» توضح هذا الهدف، بالجغرافيا كما بالسياسة.
ويدرك شعب فلسطين أن في أعماق شباب «الميدان» تصميماً على الخروج من ليل الهزيمة وتجاوز نتائج «زيارة العار» الى القدس المحتلة التي كانت المقدمة للصلح المنفرد الذي قزم «مصر» ودورها في محيطها بل وفي العالم جميعاً.
حتى المصري الكياني الذي يرى ان من الخير أن تهتم بذاتــها اولاً كــما كان يجهر المفكر الكبير الراحل لويس عوض فإنه كان يضيف مؤكداً أن حدود أمن مصر القومي تبدأ عند جبال طوروس.
ها هي مصر تعـود الى ذاتهـا، وفلـسطين داخل هذه الذات وليست خارجها، تمـاماً كما هي الحال مع سوريا الشريكة الشرقية لمـصر فـي الحروب من اجل تحرير فلسطين مـن المحتل الأجنبي صليبيين كانـوا او أشــتاتا من اليــهود ممن اضطهدهم الغــرب ثم عوــضهم بتجميعهم على ارض أخذها غــصباً من أهــلها لتكون دولة يهود العــالم.. الديموقراطية.
ولقد اخترنا لهذا العدد موضوع العلاقة التاريخية بين مصر وفلسطين والمرشحة الآن لتكون في المستقبل ومنه.

Exit mobile version