طلال سلمان

مصر في مواجهة ثعالب بانياب من نار

هل »نامت نواطير مصر عن ثعالبها«، والثعالب، هنا، بأنياب من نار، تقتل البشر وتجرّح الاقتصاد وتشوّه سمعة الشعب الطيب، مع أنه الضحية، وتصيب شظاياها النظام الذي شاخ فما ارتاح ولا أراح، فتمكِّن له باعتباره برغم كل شيء الملجأ والملاذ؟!
وهل »الثعالب بأنياب من نار« صناعة محلية، أم هي »مستوردة«؟ وهل المصدِّر قريب بالمعاهدة، أم هو بعيد بذراع طويلة بالمساعدة؟ وهل »المحلي« هنا »بدوي تائه« أم »إرهابي« يستخدم الشعار الإسلامي ليكفّر الآخرين فيستحل دماءهم ويدمّر مصادر رزقهم ليستثيرهم ضد السلطة »الخارجة على أصول الدين« مع أنها إنما تحكم بشعار »وأطيعوا أولي الأمر منكم«، وتفيد من »إرهابه« لتزيد من شرعيتها ومن الحاجة إليها؟
إن من يضرب هذه المنتجعات الأنيقة على ساحل البحر الأحمر والتي تدر على مصر مليارات الدولارات، سنوياً، والتي أضافت إلى رصيد سمعتها كبلد سياحي، فضلاً عن تراثها الحضاري العريق وطيبة شعبها المضياف، قد يصيب سمعة الحكم بالضرر، ولكن الأذى الفاحش إنما يصيب المصريين جميعاً، فيزيد الفقراء فقراً، بينما الأغنياء يعرفون طريقهم إلى التعويضات المجزية، أما المستثمرون الأجانب فلا ضير عليهم ولا هم يحزنون، إذ يقبضون ما تكلفوه أضعافاً مضاعفة ويرحلون مع أرباحهم إلى »الجوار الإسرائيلي« القريب أو إلى »مكان آمن« حيث يكملون ما بدأوه في أرض »المحروسة«!
لقد كانت بعض هذه المنتجعات قائمة، ولو »على مصغر« في فترة الاحتلال الإسرائيلي لشبه جزيرة سيناء، وكان الإسرائيليون يقصدونها للراحة والاستجمام، ويستخدمون بدوها عبيداً للترفيه عنهم بعد عناء القتل في فلسطين التي خلف الشريط.
.. فأين كانت أسراب »المجاهدين« ضد الإسلام والمسلمين من انتحاريين وقتلة عن بُعد، من أولئك السفاحين الإسرائيليين الذين قتلوا زهرة شباب مصر في حروبهم المتكررة ضدها، بدءاً من 8491 وحتى 3791 مروراً بمذبحة غزة والعدوان الثلاثي في العام 6591 وصولاً إلى حرب 7691 ثم حرب الاستنزاف التي مهّدت للعبور العظيم في »حرب العاشر من رمضان« والتي انتكست في خيمة الكيلومترات 101 ثم دُفنت في معاهدة كامب ديفيد!
بل أين هم هؤلاء »الثعالب بأنياب من نار« من فلسطين، والاحتلال الإسرائيلي يُعمل دباباته وطائراته ومدفعيته وجرافات المستعمرين في اغتيال مجاهديها عند صلاة الصبح وبعد صلاة العشاء وكلهم من أبناء الدين الحنيف، وقتل أطفالها وصبايا الورد، وتدمير المدارس، وينكر على شعبها حقه في انتخابه ديموقراطياً حكومته الجديدة التي يحارب العالم فيها إسلامها أو بالأحرى تطرفها في إسلامها؟
وأين هم هؤلاء »الثعالب بأسنان من نار« من الاحتلال الأميركي في العراق، و»غزوته« قد كلفت العراقيين دولتهم ووحدة شعبهم وعشرات آلاف الضحايا والتدمير شبه الكامل للعديد من المدن والقرى والتهجير المتبادل بين الخائفين من الخائفين والمخوفين من المخوفين؟
نعرف أن أهل الإرهاب لهم »منطق مضاد للمنطق«، وأنهم أقله في الأرض العربية لم يطلقوا رصاصة واحدة ضد الاحتلال، إسرائيلياً كان أم أميركياً.
ونعرف أنهم يضربون في مصر في توقيت مدروس: إذ بينما بدأت »العزيزة« تمور بالتحرك الشعبي المطالب بالديموقراطية، والمعترض على قانون الطوارئ، وعلى التزوير في الانتخابات.
… وبينما بدأت اليد الثقيلة للنظام تتراخى، نسبياً، فيسلّم ببعض الإصلاحات، ولو ناقصة، ويقدم على خطوات يتملق بها شعبه الصابر على ظلمه ولو تحت الضغط الأميركي خاصة والغربي عموماً.
… وبينما شباب مصر التي يتزايد عدد سكانها بمعدلات استثنائية يهيم على وجهه في أرجاء الدنيا، طالباً أي عمل، راضياً بمهانة أي »وظيفة« ولو على محطة بنزين وبأجر بخس، هو الذي يحمل شهادة جامعية.
في هذا الوقت يضرب الإرهاب باسم الدين رزق الفقراء، وسمعة مصر، وحركتها السياسية المتنامية في اتجاه انتزاع حرية إبداء الرأي والعمل السياسي في اتجاه التغيير.. ولو بالديموقراطية الأميركية!
إنها عبقرية نادرة المثال: إذ يقدِّم هذا الإرهاب باسم الدين خدمة ممتازة للاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، وكذلك للاحتلال الأميركي في العراق، ولحصار حكومة حماس في ما تبقى من أرض للسلطة الفلسطينية.
ثم إنه يقدم الذريعة للتشدد في تطبيق الطوارئ في مصر، وربما لإلغاء ذلك الهامش الديموقراطي المحدود الذي اضطرت السلطة إلى »السماح« به فأفاد الحركة الشعبية وكان يعد بعودة الروح إلى »بهية« التي يصاب كل العرب إذا ما أصابها أذى.
… وها هم العرب مهددون بالاندثار لأنها غائبة أو مغيبة عن دورها الذي لا غنى عنه ولا بديل منه.. وبالتأكيد فإن هذه »الثعالب بأنياب من نار« ليسوا البديل بل هم المعطل وقاتل التغيير!

Exit mobile version