طلال سلمان

مسابقة لاختيار بطل المؤتمرين وملكة جمال المؤتمرات

ما اكثر »المؤتمرين« العرب وما اقل الفوائد التي يحققونها لقضاياهم المتعددة الوجوه. ولقد نشأت مهنة او حرفة او ربما صناعة يمكن ادراجها في المصنفات الفنية تحت عنوان: »المؤتمرون«، وهم غير »المتآمرين« وان كان بعض هؤلاء قد ذهب بفعل وهن الشيخوخة الى مقاعد اولئك راضياً مرضياً.
و»المؤتمرون« صنف من البشر يتوالد بغزارة، ولكي يبرر وجوده فهو يزيد من عدد المؤتمرات ومن انواعها وموضوعاتها، ويختار في العادة الأماكن الأكثر فخامة والرعاة الأكثر سخاء.
وفي السنوات الاولى للثورة في ليبيا كانت فنادقها القليلة، آنذاك، مشغولة دائماً بالمؤتمرين الذين كان بعضهم ممن يستمرئ الاقامة في طرابلس يشارك في المؤتمرات المتعاقبة، بغض النظر عن علاقته بجدول الاعمال في هذا المؤتمر او ذاك، وبقربه او بعده عن العنوان المطروح للنقاش: فلا مانع عنده من الخروج من مؤتمر عن الهنود الحمر للمشاركة في مؤتمر حول حقوق الطفل العربي، ثم التعقيب على كاتب ورقة في مؤتمر حول العقوبة الجسدية للنساء او كتابة ورقة حول النهر الصناعي العظيم، او المساهمة في ندوة حول الشعر الحديث.
ثم زادت الفنادق فزادت المؤتمرات وتزايد عدد المؤتمرين الذين كثيرا ما كانوا يتبادلون مفاتيح الغرف او يسلم واحدهم صديقه في بيروت، مثلا، او في القاهرة مفتاح غرفته الباقية على اسمه بعد رحيله، مع تعهد بأن يعيده إليه عند العودة.
بعد طرابلس جاءت عدن كمقر للعديد من المؤتمرات ذات الوجهة السياسية المعروفة، وكانت الجزائر تتقدم لتحتل مكانة مميزة، ثم تونس مع انتقال منظمة التحرير إليها، ومن الخليج العربي برزت الشارقة ثم ابو ظبي، وبعدهما الدوحة، واخيراً وصلت صنعاء قبل أن تعود بيروت لتأخذ نصيب تلك المؤتمرات التي لا تستقبلها اية عاصمة اخرى.
نعود إلى »المؤتمرين« في محاولة لتحديد »النوع« او »الصنف«،
لا شك ان ثمة مؤتمرات مهمة، بموضوعاتها والمشاركين فيها، خصوصاً تلك التي لها طابع علمي او اكاديمي،
كذلك فإن بعض المؤتمرات التي قد تتخذ طابع التظاهرة السياسية مفيدة في حالات محددة،
وهذه وتلك خارج موضوع حديثنا الذي سأقصره على ظواهر مزعجة تسيء الى الفكرة كما الى المشاركين والمنظمين والرعاة والعاصمة المعنية حيثما كانت في المشرق او في المغرب:
اولا تلك الظواهر الارتجال في تحديد الموضوعات، بحيث يندر ان ينتهي مؤتمر إلى نتيجة يمكن اعتمادها او الارتكاز إليها في اي مبحث جدي، او تعتمد وثيقته الختامية كليا او جزئيا كمرجع في هذا الشأن الوطني او القومي او ذاك.
ان وقتاً ثميناً يهدر، والكثير من الحبر والمال، والاخطر: ان الاكثار من المؤتمرات يذهب بقيمة الجيد منها، إذ سيحكم عليها عموما من خلال الصورة السائدة عنها، وهي انها منتدى يثرثر فيه بعض من يملكون من الوقت اكثر مما يملكون من الافكار، بحيث تصبح وكأنها جوقات زجل، »ينتخي« كل بادعاءاته فيصفق له جمهوره، ثم يرد عليه »الخصم« بأفصح مما قال فيصفق له جمهوره، ثم تختتم الحفلة بالاشادة بالمضيف وابراز الاتفاق على العموميات التي يستحيل الاختلاف عليها، ويعلو التصفيق هادراً، ويعود الجميع إلى ديارهم وقد ادوا قسطهم للعلى.
ثاني تلك الظواهر افتقاد الاساس الموضوعي لاختيار »المؤتمرين«، فتجد احياناً خليطا متنافرا من الناس لا يربط بينهم اهتمام مشترك ولا يجمعهم المستوى الثقافي، ولو من موقع الاختلاف في الرأي.
وواضح ان عوامل مختلفة تتحكم في اختيار »المؤتمرين« بينها احيانا المجاملة، وأحيانا النفاق المباشر، وأحيانا المكايدة ومحاولة التخريب على مؤتمر آخر »بسرقة« اسماء لامعة »لمؤتمرين« ناجحين، فرئيس الجامعة قد يختار استاذا او استاذة للترويج لبحثه وتقريظه علناً، ومدير المؤسسة الثقافية او مدير الموقع الممتاز قد يختار احد مساعديه، او ربما سكرتيره الشخصي فيعيّنه »مفكراً« لبضعة ايام… الخ.
ثالث تلك الظواهر تجنب الاختلاف والمختلفين، وكأن الاختلاف عورة لا بد من سترها، او قنبلة موقوتة تذهب بالمؤتمر والمؤتمرين.
ان اغلبية المؤتمرات انما تضم »المتفقين« او من يطلب إليهم سلفاً ان يبتعدوا عن اثارة المسائل الخلافية، فإن كان لا بد من الاشارة إليها فجانبياً وهامشياً، ثم يتدخل »المصلحون« من ارباب التلفيقات التي تطمس جوهر المسألة، فإذا بالمختلفين يظهرون كمثقفين بينما المشكلات ما تزال عالقة، واذا حرية الرأي والنقاش قد ذهبت ضحية الحل الوسط الذي يعقد المسائل المطروحة ثم يحولها تدريجيا الى محرمات يمنع الكلام فيها.
ما قيمة مؤتمر تغيَّب عنه، قصدا وعمدا، حرية الرأي، ومن ضمنها حرية الاختلاف؟! ما قيمة نقاش فكري محكوم سلفا بخاتمة تنافق الحاكم وتكشف عجز المفكرين عن التصدي لها باقتراحات حلول ما، فتكون النتيجة: التزوير المفضوح لطبيعة مشكلاتنا وبالتالي لمشاريع الحلول الجدية لها.
رابع تلك الظواهر التهافت امام الاجنبي، الغربي عموما والاميركي على وجه الخصوص. فوراً يتحول »المؤتمرون« الى مجموعة من الندابين والمظلومين وطالبي الشفاعة او الشتامين بسوقية وابتذال، وتضيع فرصة المناقشة الجادة بالمعلومات الرصينة والتحليل الدقيق للمصالح والمواقف.
وليس ابأس من منظر »المناضل« المتقاعد يستعطف موظفا اميركيا متقاعدا لكي يوفر له العدل في فلسطين، مثلا، او لكي يرفع العقوبات عن ليبيا، مثلا، او لكي يوقف الحرب العنصرية ضد الوحدة العربية!.
خامس تلك الظواهر الظلم البالغ الذي تلحقه المؤتمرات المرتجلة بالمرأة العربية، لا سيما على المستوى الثقافي او الفكري عموما.
ان »المؤتمرات« يخضعن في الغالب الاعم لمزاجية »المؤتمرين« وأغراضهم السياسية وربما الشخصية في بعض الحالات.
يندر ان يراعى المستوى والكفاءة وقوة الشخصية في اختيار المؤتمرات،
كذلك يندر ان يعطى من »ينجح« في »امتحان القبول« من السيدات فرصة متكافئة مع »المؤتمرين« في الادلاء بآرائهن.
اما حكاية اغتنام المؤتمر فرصة للتبضع، وفي بعض الحالات للحصول على مكافأة ولو على شكل هدية، او للسياحة باختيار اطول الطرق للوصول او للعودة، او مط الاقامة أياماً للراحة والاستجمام الخ… اما ذلك كله فيقع في خانة »الهنات الهينات«.
وننهي باقتراح: ان نعقد مؤتمرا لتوحيد المؤتمرات، ومؤتمراً ثانيا لتوحيد »المؤتمرين«، ومؤتمرا ثالثا لاختيار، صاحبات الحق الشرعي بمرتبة »مؤتمرات«، ومؤتمرا رابعاً للتنسيق بين المؤتمرات المتعاقبة،
ويا حبذا لو نظمنا مسابقة لاختيار »بطل المؤتمرين« او صاحب الرقم القياسي في تنظيم المؤتمرات وحضورها، ومسابقة لملكة جمال »المؤتمرات«، علماً بأن اغلب المؤتمرات تمنع دخول الجميلات القاعة حرصاً على سلامة المؤتمرين وجلهم من ضعاف القلوب.

 

الإيقاع مكسوراً بدمه…

مع اول »إيقاع« جاء الانتعاش، فافترشت الوجه الدسم ابتسامة عريضة، وبدأ الجسد المكتنز بالجنس يتمدد محتلاً المزيد من المساحة على الطاولة التي احتشد من حولها مساهرو المصادفة.
كانت تعرف جسدها جيداً، ولذلك حجزت لنفسها من حولها المدى.
البداية مع الاصابع، اذ اخذت ترافق بطرقعاتها المكتومة، بداية، ثم المفرقعة، النغم الممهد للغناء، وبعد الاصابع بدأت الكف بالتلوي مستعينة لتوكيد المعنى بمبسم النارجيلة، ثم جاء دور الكتفين فأخذت تهزهما فيرتج لاهتزازهما النهدان العامران ويكاد القميص الفستقي اللون ان يتمزق تحت ضغط الزحام… حتى إذا بلغت النشوة الرأس فانعطف افرد الشعر ذاته فانتشر على امتداد الظهر مثل بيدر شهوة معطرة… وأخيرا تشع العينان بالرغبة فيمتلئ بهما المكان ويمتلئ بها المساهرون الذين سرعان ما سيخلعون سترة الوقار وتهيْب الخوف من الصد او الخشية من الاتهام بسوء القصد!
مع الاغنية كان الطرب قد استخفها فإذا هي في الحلبة تراقص رفيقها وترقص من خلف كتفيه للجميع، مع وعد غامض ترسله بطرف العين محمولاً بأطراف الشعر الى كل منهم على حدة، تمهيداً لأن تركز على من اختارته.
بات الجسد وكأنه مصدر الموسيقى والكل ينصت إليه بعينيه اكثر مما ينصت إليها بأذنيه: يميس برقة فتنحني الرقاب وهي تتابع انعطافاته، او يندفع بهياج ليستكمل الدائرة التي يرسمها الشعر، المتدرجة تجعداته حتى المفرقين، بحركته اللولبية، ثم يلتوي فتتلوى الآهات وتعنف تتابعات الايقاع وكأن »ضابطه« ادرك كم يحتاجه الموقف فإذا الرق يتوه صعودا وهبوطاً بين يديه وهو يتقافز ليكمل بملامح وجهه وبتثني الخصر ما تقصر الاصابع عن اعلانه.
قالت بشفتيها وعينيها وشعرها وعنقها والصدر واليدين: هيا،
تكاتفت يداه فوق صدره، وتلاصقت شفتاه فما نطق بحرف، ولم يتحرك فيه غير رأسه بحركة مفادها: ليس هنا، ليس الآن، ليس مع هؤلاء،
توالت الألحان وتكررت الدعوات، ولم يتبدل الاعتذار الصامت،
مع اللحن الأخير كانت قد قررت ان لا احد يستحقها، فرفضت مُراقصيها جميعاً، واحتلت الحلبة وحدها فملأتها وفاضت عنها، ثم اختطفت الرق من ضابط الايقاع وظلت تقرعه برأسها حتى نفر منه الدم.
هبوا جميعاً لنجدتها، وقد تلاشى اثر الشراب، لكنها اشارت إليهم بحزم ان يبقوا بعيدين عنها،
وقفوا جامدين يتأملونها وهي تنصرف وقد شمخت برأسها الجريح: ليس بينكم من يستحق! اذهبوا الى النوم ايها المنافقون الجبناء!

 

تهويمات

} ما أبعد المسافة بين العينين. انها باتساع وعد اخلف موعده.
} بين الغفلتين كانت تدهمه في سهومه فتمد يدها إليه بماء يروي ظنونه، فإذا ما تسامقت الاوهام فبلغت به ذروة التمني تركته يهوي في قاع الجب المعشوشب والمكتظ بسابقيه.
تقولين بعينيك ما ينكره لسانك،
وتقولين بيديك ما تتبرأ منه عيناك،
وأنا اتوغل في غابتك الكثيفة ساعيا وراء مكمن الصدق فيك.
} همست بحنق: اترفض دعوتي الى الرقص؟! الى هذا الحد تتعجلك المقدمات الى طيب المنتهى؟! ألا تأخذ فتعطيني الفرصة لاقول اني احبك؟!
وهمس بحسرة: زرعتِ السقوف عيونا تحملق فيّ. زرعت الأرض آهات تحرق جلدي. ملأت المكان بصورتنا في غنوة المنى، ثم تتساءلين ببراءة ان كنت قد رأيتك. هلا ساعدتني قليلا على استعادة نفسي منك؟!
} جسد المرأة اوسع من محيط وأعلى من قمة أعلى جبل، وأندى من وردة مغسولة بالمطر الاول في تشرين. انه باتساع فتحة ذراعين!
} ليس بيننا حوار. تقيمين من كل امرأة اخرى سداً بيني وبينك، ثم تجأرين بالشكوى لأن الوصول مستحيل!
كل النساء لسن امرأتي… اما امرأتي فهي كل النساء.
} وصل احد الثلاثة متأخراً عن موعده، وحين جلسوا للعتاب صارا اثنين، فقد ذهب الحب الى من يطلبه، هارباً من اولئك الذين يطاردونه بالتشكي لانه لا يحمل ساعة!.

 

من اقوال »نسمة«

قال لي »نسمة« الذي لم تعرف له مهنة إلا الحب:
الحب هو الصحة. الحب هو اعظم الأدوية فعالية في شفاء المرضى. ولست اتحدث عن الامراض العضوية فقط، انما عن جميع العلل. بل ان المحب يشيع جوا من الصحة من حوله. انه يساعد المرضى منهم على التعرف الى طريق الصحة والسلامة. الحب ينشر »عدواه« فتتطهر النفوس وتصفو الافكار، الحب هو الصحة والطريق إليها لا يحتاج المحب الى الدواء انه عنوان الصحة.

Exit mobile version