طلال سلمان

محمد جاسم الصقر: تجربة رجل شجاع

للمرة الأولى منذ 1983 يأتي »الفارس« محمد جاسم الصقر الى بيروت مترجّلا، وليس فوق صهوة »القبس« التي جعل منها قلعة للحريات وكرامة الانسان العربي وحقوقه وحصناً للديموقراطية التي لم يفهم أبدا ولم يقبل ابدا كيف توضع في وجه العروبة وكأنهما ضدان لا يلتقيان ولا يتعايشان في بيئة واحدة.
لقد استقال محمد جاسم الصقر، او انه »استُقيل« من رئاسة تحرير هذه الصحيفة التي جعلها أكبر من حزب وأقوى من سلطة، والتي اعطاها زخم شبابه ووعيه بحقائق العصر، والتي تحوّلت الى »قضية« بذاتها، ليس في الكويت وحدها بل على مستوى الوطن العربي الكبير كله.
لا يمكن حصر إعداد السبق الصحافي الذي حققه محمد جاسم الصقر في »القبس«، فكل عدد منها تقريبا كان يحمل سبقه الخاص،
اما المحاورات السياسية التي اجراها الصقر على امتداد السنوات الست عشرة التي أمضاها في رئاسة تحرير »القبس« فكانت بين الاغنى والأهم، بحيث اعتبرت، في العديد من الحالات، مراجع لفهم الشخصيات القيادية والسياسات التي كانت موضوع الحوار.
ولقد خاض الصقر معارك لا تحصى من اجل عروبة الكويت، قبل الغزو العراقي وبعده على وجه الخصوص، وشكّلت »القبس« مظلة واقية ومصدر حماية للرعايا العرب العاملين في الكويت، كما كانت »جرس الانذار« الذي يدق كلما علت موجة الكيانية التي غالبا ما تتحوّل الى نوع من العنصرية،
كذلك استبسلت »القبس« تحت قيادة محمد جاسم الصقر في الدفاع عن الحريات العامة وواجهت اخطاء النظام وخطاياه، وتصدّت لكشف الخلل، كما دخلت في مواجهات شجاعة ضد الفساد وأبطاله غير متهيبة انتماء بعض رؤوسه الى الاسرة الحاكمة في الكويت، كما في قضية شركة ناقلات النفط.
لا يتقاعد الفارس، ولا ينسحب، ولا هو يلقي السلاح،
محمد جاسم الصقر الآن في طريقه الى »مجلس الأمة«، ان لم تخذله العصبيات العائلية ومداخلات المتضررين من مواقفه التي اضافت الى حجم الكويت، في حين كان غيره يعيش على تصغير صحافتها والاساءة الى سمعة الحكم كما الكويتيين.
وبيروت التي تستضيفه اليوم، ممثلة بواحدة من مؤسساتها الثقافية العريقة، النادي الثقافي العربي، يسعدها ان يجيئها هذا الفارس العربي لتسمع منه وبوحي تجربته العريضة حديثه عن العلاقة بين العروبة والديموقراطية.
هلا »أبا عبد الله«، باسم زملائك جميعا في لبنان، بل باسم كل أخوتك ومقدّري مواقفك كرمز مضيء في صحراء القهر والتخلف والقمع التي يتوه فيها العرب عن واقعهم، وبالتالي عن مستقبلهم.
ولسوف نسمعك اليوم.. ولن نودّعك.
طلال سلمان

Exit mobile version