طلال سلمان

محمد بن زايد “يقتل” اباه الشيخ زايد وملك البحرين يعتقل شعبها جميعا.. في اسرائيل!

عرفت “دولة الامارات العربية المتحدة” منذ اعلان قيامها، بعدما ظهر النفط في بعض البقاع، ودلت مؤشرات على احتمال وجود الغاز ايضا .

رتب البريطانيون الذين كانوا يحتلون معظم ارجاء الخليج العربي، امور المشايخ في المشيخات الفقيرة، بإعداد دبي التي كان شيخها الشيخ راشد ذكيا وصاحب رؤية جعلته يوسع حوض الميناء لاستقبال السفن حاملة البضائع الى الدولة الجديدة من (الهند اساسا وبعض انحاء اوروبا).

قامت “الدولة” التي لم يكن “شيخها” شخبوط بن نهيان يعرف ما تعني كلمة “دولة”. وبعد فترة وجيزة خلع “الانكليز” هذا الحاكم الذي كان يجمع مدخول النفط الذي تدفعه الشركة التي حفرت واستخرجت وصدرت، فيضعه في “دوشك” من قماش سميك، ويجلس عليه ليستقبل الرعية.. وعندما تعاظم الدوشك عززه بدوشك اخر فصار يرقى الى مجلسه باستخدام “الدوشك” للوقوف عليه قبل أن يستقر جالساً على الدوشك الاعلى.

بعد سنوات قليلة، أُجبر شخبوط على التنحي وجيء بأخيه الشيخ زايد بن نهيان رئيس لدولة “الامارات العربية المتحدة” المكونة من ست مشيخات والتي كان اهلها يعيشون من صيد السمك، فان أسعدهم الحظ بشيء من اللؤلؤ شكروا الله.

ولقد تعاظمت ثروة هذه الدولة الوليدة في ايام الشيخ زايد، ففتحت ابوابها للعمالة العربية (مهندسون ومعلمون واطباء وخبراء في مختلف مجالات الانتاج) … وتعاظم عدد السكان مع الآلاف المؤلفة من الوافدين، فصار ضروريا اقامة جامعة حتى لا يضطر الابناء إلى السفر إلى القاهرة او بيروت او دمشق او لندن لإكمال دراساتهم العليا.

*****

كان الشيخ زايد طيبا ومستنيراً، يحاول أن يبني هذه الدولة المن رمل بعدما منحتها الطبيعة هذه الثروة الخرافية.

كان اليمنيون يتباهون بأن عائلة الشيخ زايد يمنية الاصل ولم يكن الشيخ ينفي..

حافظ الشيخ زايد على كرامة “شركائه” المشايخ، وهكذا تميزت دبي بأنها – كما كانت- مرفأ الاستيراد للدولة الجديدة، وترك شيخ الشارقة، وهو شاعر، أن يهتم بالأدب وان يقيم معرضاً للكتاب في الشتاء من كل عام، ثم ابتكر شيخ دبي- ذات يوم- جائزة الصحافة العربية التي كانت تُمنح للكتّاب والمحررين الجيدين في الاحاديث الصحافية او في التحقيقات الميدانية، او المقابلات الملفتة، سياسية كانت ام ثقافية ام اجتماعية الخ..

*****

كانت الرمال تنضح نفطاً، وكان البحر يزخر بالنفط.

وكان الشيح زايد ودوداً، تميز بذاكرة جيدة التخزين والحفظ، حفظ المعلومات والوجوه، وكذلك فقد كان سخياً عكس اخيه شخبوط، وهكذا انفتح على أهل الرأي، وجاب انحاء الوطن العربي ممولاً للمشروعات الانتاجية او شق الطرق او توسيع شبكات سكة الحديد في بعض الاقطار العربية.

ولعل سجيته الطيبة وتواضعه، وسخاءه بل تكفله بتمويل شبكات الطرق للمسافات الطويلة في دول كمصر والمغرب، قد زادت من شعبيته في الوطن العربي، خصوصاً وانه كان صادقاً في دعمه لمنظمة التحرير الفلسطينية، وكان يعبر امام زواره عن تمنيه على الله عز وجل أن يمن عليه بزيارة القدس وقد تحررت، والصلاة في المسجد الاقصى.

*****

كان ذلك في الماضي .. البعيد. أما اليوم فالدنيا غير الدنيا.. وهكذا فان الامير الوريث الشيخ محمد بن زايد قد اوفد شقيقه الشيخ عبدالله، الذي كان وزير الاعلام ايام ابيه ثم صار وزيراً للخارجية تحت ظل اخيه الشيخ محمد ليوقع صك الخيانة مع رئيس الحكومة الاسرائيلية نتنياهو .. ومعه وزير خارجية البحرين الذي وقع بدوره صك الخيانة..

ومن باب الاستذكار علينا أن نشهد لشعب البحرين انه كان دائماً وطنياً في منطلقاته، وقد مكنته الظروف من التحصيل العلمي والدراسات العليا في جامعات مصر ولبنان.. كما أن هذا الشعب المناضل قد عرف الحياة الحزبية، وكان حاضراً يعبر عن رأيه كلما داهمت الكوارث السياسية الاشقاء العرب، فيخرج في تظاهرات حاشدة متجاوزاً الانقسام المذهبي (سنَّة وشيعة) مما جعل سجون الامارة التي جعلها شيخها مملكة ليكون هو الملك، تحفل دائماً ، ب”ضيوفها” من المناضلين.

*****

.. وهذه الطريقة للمناسبة: اعتقال المناضلين السياسيين وتعذيبهم بطريقة وحشية وتركهم في السجون لمدة طويلة، قد مكنت الشيخ – الامير الحاكم أن يسمي نفسه ملكاً-، كما قضت على جذوة الوطنية واعادت احياء العنصرية والطائفية ( سني شيعي، عربي وفارسي) في هذه الجزيرة الصغيرة التي أعطت الامة نخبة من المثقفين كتّاباً وشعراء، ونخبة من المناضلين الذين امضى بعضهم ثلث عمره في السجن ، وما بدلوا تبديلا.

*****

ملاحظة: … مع التمني الا تحطم اللافتات التي تحمل اسم الشيخ زايد في اكثر من عاصمة عربية!

عرفت بعض العواصم العربية، وبالذات القاهرة وبيروت، الكثير من الكتَّاب والشعراء البحرانيين الذين سجنوا لسنوات ثم أطلق سراحهم فخرجوا ليتنفسوا ويتعرفوا إلى ما جرى” في غيابهم” او لنشر ما انتجوه من دواوين الشعر او الروايات او القصص خلال المدد المتطاولة لاعتقالهم.

ولقد نشر بعض مقالات سياسية تنضح بالشوق إلى الحرية، ودواوين شعر تؤكد الايمان بالشعب والغد الافضل..

كذلك فقد أنشأ بعض المناضلين منهم علاقات وثيقة مع احزاب ومنظمات قومية وتقدمية في لبنان، ومع مفكرين وكتّاب معروفين وشعراء ومبدعين في مصر وبعض المغرب، ودائماً انطلاقاً من بيروت وصحافتها.

.. ومؤكد انهم مقموعون الآن، بالذهب او بالموت، او بالاغتراب حتى يقضي الله امراً كان مفعولاً!

Exit mobile version