طلال سلمان

مبـروك للجائـزة

عندما أطل الرئيس سليم الحص على الحياة السياسية عبر تكليفه رئاسة أول حكومة في عهد الرئيس الراحل الياس سركيس، تصرف السياسيون على ان الرجل عابر، مكلف بمهمة محددة ومحدودة، وأنه لن يستطيع اختراق »ناديهم« ولن يصل الى الناس فيؤثر فيهم ويكتسب مكانة مميزة في نفوسهم. لكنه سرعان ما تخطى حاجز »الخبير الاقتصادي« ليطل كمسؤول مهموم بالشأن العام، تسكنه قيم يلتزم بها، وتضبط خطواته مبادئ كانت مهجورة تماما، لا تلعلع بها اصوات محترفي السياسة الا في المناسبات الانتخابية.كانت المفاجأة أعظم من كل التوقعات: لقد حفر سليم الحص لتجربته مكانا مميزا في الحياة السياسية في لبنان، وقدم مثالا وقدوة، ان المسؤول يمكن ان يكون »نزيها«، ويمكن ان يمارس السلطة بحزم بغير ان يفسد، وبغير ان تكون له بطانة، وبغير ان يدخل في ميدان سباق الصفقات.ثم اكتملت المفاجأة حين تعرف الناس فيه على »كاتب« صاحب عبارة مشرقة، وعلى »ملتزم« بالقضايا الوطنية، وعلى »مؤمن« بالعروبة، بغير مزايدات، وبالديموقراطية عبر التبشير الدائم بها مع التشديد على ركائزها الثابتة في النفوس والمتناقضة الى حد التضاد مع الطوائفيات والمذهبيات والإتجار بمناخات الفتنة لأغراض انتخابية رخيصة.اليوم، يحس كل »مواطن« طبيعي في لبنان بأنه يكرَّم عبر تكريم سليم الحص بجائزة جمال عبد الناصر التقديرية.إنه تكريم للقيم، للترفع، للنزاهة، للصدق مع الناس، وهو تكريم للقومي العربي الصافي الذي لم تكن له أي تجربة حزبية، و»للناصري« الذي لم يعرف جمال عبد الناصر شخصيا، وإن كان قد آمن منذ فتوته بالمبادئ التي نادى بها وظل مخلصا لها حتى النفس الأخير.مبروك للجائزة، مبروك لكل من أحب سليم الحص واتخذه قدوة.

Exit mobile version