طلال سلمان

ماساة وطنية لكن جريمة فردية

لبنان في حداد. فالمجزرة التي ارتكبها مهووس بالدم مختل التفكير ومعتل الإرادة بأعصاب باردة وضد زملائه وأصدقائه ورفاق عمره في »صندوق تعاضد التعليم الخاص«، أنتجت مأساة وطنية شاملة لفّت بالحزن كل بيت في أربع رياح لبنان،
وليس من مواطن طبيعي سوي المشاعر والعقل إلا وأحس بأن الرصاص قد أصابه في وجدانه، وأن الضحايا الذين أرداهم القاتل أحمد منصور بأعصاب باردة، هم بعض أهله.
وبطبيعة الحال فليس للقاتل عذر، وليس لهذه الجريمة النكراء من تبرير، ولا يمكن التخفيف من وقعها أو من نتائجها المأساوية إلا بأن نتقاسم الأحزان ونتكاتف متضامنين مع ذوي الضحايا… وكلنا منهم.
على أن الحقيقة التي يجب ألا يغيّبها هول المصاب الوطني المفجع أن الجريمة فردية بداية وانتهاء، ثم أنها مدانة من جميع اللبنانيين، يستوي في ذلك »أهل« القاتل وأهالي ضحاياه، الذين هم بالعاطفة كما بالوعي الجماعي كل اللبنانيين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم وانتماءاتهم السياسية أو الحزبية.
وأخطر ما يمكن أن تُواجَه به هذه الجريمة أن يسحب عنها الطابع الوطني الشامل للمأساة، وأن تفسر بقوالب جاهزة من نتاج الشحن الطائفي أو أن توظف بكل الجو العاطفي المحيط بها كاستثمار طائفي لأغراض سياسية رخيصة.
إن محاسبة مرتكبها وإنزال القصاص العادل به، بأقصى سرعة ممكنة، هي بعض الواجب، والتوجه هنا الى القضاء، أما الجانب الأخطر فيتصل بضرورة مكافحة المناخ الموبوء الذي يحاول أن يُمدَّ الجرم من مرتكبه الفرد الى كل أهله وعشيرته وطائفته ومنطقته.
إن المأساة وطنية، لكن الجريمة فردية، فلنحفظ ذكرى ضحايانا بالإجلال الذي يليق بهم، مطالبين بعدالة صارمة وسريعة تمنع استغلال الجريمة الفردية لارتكاب جرائم سياسية بحق الوطن بكل مواطنيه

Exit mobile version