طلال سلمان

لو ان عند عرب قليلا من نفط غاز

آخ! لو كان أهل فلسطين عموماً، وغزة على وجه الخصوص، من العرب، عاربة أو مستعربة لا فرق، إذن لكان أهلهم الذين من حولهم قد هبّوا لنجدتهم وأغاثوهم وطمأنوهم بعد خوف وصدوا عدوهم الإسرائيلي المتجبّر ولقنوه درساً لن ينساه!
آخ! لو كان عند العرب بئر نفط واحدة! إذن لفتحوا الصنابير وحطموا الأنابيب وأغرقوا المنطقة جميعاً بسيول الذهب الأسود، ليستنقذوا الدماء القانية لإخوتهم سمر البشرة، في غزة بني هاشم المحاصرة بالعتم والقتل الإسرائيلي.
آخ!.. لو كان العرب يملكون ما يشترون به مولدات كهرباء جبارة تكفي لإنارة كامل القطاع براً وبحراً وفضاءً، وتزوّد بالطاقة محطات تكرير مياه الصرف الصحي وغرف العمليات في المستشفيات، وبالذات منها أجنحة العناية الفائقة المزدحمة دائماً بجرحى الغارات الإسرائيلية، على مدار الساعة، وأقلهم من يسعده حظه بالوصول حياً إلى حيث يجد من يعنى بجراحه النازفة!
آخ.. لو كان عند العرب من الغاز كميات يمكن اعتبارها تجارية ، إذن لكانوا ملأوا سماء غزة وما جاورها بالغاز، بما يفيض عن حاجة الاستخدام الصناعي والمنزلي!
آخ… لو كان عند العرب فوائض مالية! إذن لاندفعوا يغمرون شوارع غزة بذهبهم الرنان حتى ليتعذر السير فوقها..
آخ.. لو كانت عند العرب دولة أو دول عدة، ولو كانت لهذه الدول جيوش بطائرات ودبابات وحوامات ومدفعية وصواريخ أرض جو، وجو جو، وبحر جو، إذن لصبّوا الحمم الحارقة على العدو الإسرائيلي الغاشم انتقاماً لأطفال غزة الذين خرجوا إلى الشوارع بثياب رثة لا تقيهم غائلة البرد، ثم آووا إلى منازلهم ليناموا في أحضان ذويهم على الطوى..
آخ! لو كانت عند العرب جامعة لدولهم، أو رابطة عائلية، أو جمعية خيرية، إذن لحسبت إسرائيل لهم حساباً وامتنعت عن قهر الفلسطينيين في غزة (وفي الضفة الغربية، أيضاً)، فأوقفت استيراد وحوش المستعمرين، وتوقفت عن بناء المزيد من المستعمرات خلف جدار الفصل العنصري وأمامه، وعن تهويد القدس أو ما تبقى منها..
آخ! لو أن العرب ، بملوكهم ورؤسائهم، تصرفوا وكأنهم أهل فلسطين لا وسطاء بينهم وبين إسرائيل، التي كانت عدواً فصالحوها (على فلسطين؟!)، وبدل هاتف الوساطة أو الشفاعة التي بالكاد وفرت الإنارة والطعام لأهل غزة ليوم أو بضعة أيام أسمعوا إسرائيل ما تخاف من سماعه! أو ما كانت تخاف من سماعه!
آخ! لكن كلمة لو مثل كلمة يا ليت لا تعمّر بيتاً ولا تنقذ شعباً مهدداً بالإبادة قتلاً أو تشريداً أو مسخاً لهويته وإنسانيته!
لو أن كلمة يا ليت تنفع لكان العرب بين أكبر مصدّري النفط في العالم.
ولو أن كلمة يا ليت تفيد، لكانت أصغر إمارة عربية هي أعظم منتج للغاز في العالم!
ويا ليت أن الكلمة تفيد عند الأهل لا عند العدو، إذن لما كان العرب جميعاً يختنقون بخوفهم من عدوهم وبعجزهم، وبالشلل الذي يضرب إرادتهم، وبالأحقاد التي يتبادلونها في ما بينهم ولا يستبقون ما قد يحتاجونه في مواجهة عدوهم الذي كان وما زال وسيبقى عدوهم ولو سلّموه إضافة إلى القرار كل ما لديهم من نفط وغاز وسيوف مذهبة تنفع هدايا للسادة المهيمنين ولا تفيد في نجدة وطن بل أوطان تقتل أمام عيون أهلها.
ويا غزة، لك مثل كل العرب خارجك: الله، وليس إلا الله!

Exit mobile version