طلال سلمان

لنرد على اغتيالات بدولة وفاق وطني

لا مجال للرد على مسلسل الاغتيالات السياسية، والتي كان آخر ضحاياها النائب الشهيد أنطوان غانم إلا بالوفاق الوطني. أما الرد بتوسيع مساحة التدخل الدولي فلا يعني إلا التعجيل بالحرب الأهلية.
لا يملك اللبنانيون إلا وفاقهم كضمان، بل كشرط حياة لدولتهم.
إن اختلّ الوفاق أو اضطربت مرتكزاته السياسية تهاوت الدولة وانفرط العقد الاجتماعي الذي ينظم العلاقات بين الطوائف، أو ما يسمى تهذيباً العائلات الروحية .
الرد على مسلسل الاغتيالات، وبالذات على جريمة اغتيال النائب غانم، يكون في الإصرار على انتخابات رئاسية بالتوافق. وشرط التوافق أن يتم بوعي ضرورته، إذ لا توافق بالإكراه، أما التوافق بالمخادعة فجريمة موصوفة.
لا يقوم عهد جديد، ولا تقوم حكومة مع تجاهل أسباب الاختلاف.. و الحكومتان كبديل من الرئيس أسوأ من انفصال: هي الحرب الأهلية.
لا تعوّض الدول أصوات من أودت بهم جرائم الاغتيال.
وكل الهذر الذي شقشق به ألسنتهم الزعماء والقياديون والمفسّرون الخصوصيون للدستور لا يساوي قلامة ظفر من أي من شهداء الاغتيال السياسي.
وكل صيحات الحرب التي صدرت عن الإدارة الأميركية، بدءاً برئيسها بطل احتلال العراق وتدمير كيانه السياسي وتفتيت وحدة شعبه بالفتنة الكبرى، في طبعة جديدة منقحة ومزيدة عنصرياً، وصولاً إلى سفيره الجنرال والقائد الميداني في بيروت، لا تحمي الدولة التي لا حماية لها إلا بوفاق يوحّد شعبها، ولا تمنع الانشقاق الأهلي بل هي تسرّع وتيرة انقلابه إلى حرب أهلية.
لا خيار أمام اللبنانيين إلا تحصين كيانهم السياسي بتوحّدهم على قاعدة من الوفاق الوطني. ولا وفاق إلا بالجميع. الأكثرية هنا نقيض الوفاق، تماماً كما هي الأقلية. ومجرد الحديث عن الأعداد ، في الشارع أو في المجلس النيابي هو توغل في طريق الانشقاق اللاغي للدولة. والخطوة الأولى نحو تجديد الدولة انتخاب الرئيس اليوم قبل الغد، وبالتوافق. ثم الحكومة وبالتوافق.
فلنبتدع وفاقنا الوطني، تحت ضغط الخطر الداهم. لنتوافق على الرئيس باعتباره خصوصاً في هذه اللحظة بمثابة إعلان نوايا، مطرز بتواقيع الجميع، يقرّ بالدولة كقاعدة للوحدة، وبالحكم كضمانة لدولة الوحدة… ومن داخل هذه الدولة وحكمها فليعارض من يعارض وليذهب إلى الموالاة الموالون، ولنرد إلى الدول بالقيادة الأميركية بضاعتها: الحرب الأهلية.
وهكذا نكون قد حوّلنا الشهداء ضمانة لحياة اللبنانيين في دولتهم، وهذا أعظم تكريم!

Exit mobile version