طلال سلمان

لطف الله حيدر في ذمة الله

منذ حين من الدهر ولطف الله حيدر »يتحدى« الموت أن يأتيه، فيأبى الموت ويزداد إصرار الرجل الذي عرف كثيراً وقال قليلاً، وفكر قليلاً ولم يكتب إلا نادراً… حتى كان فجر السبت »فانتصر« لطف الله ورحل إلى الموت بقرار منه!
من »حصين البحر« المطلة على الشاطئ السوري المفتوح ما بين طرطوس والاسكندرون، بدأت رحلة لطف الله حيدر بعدما تخرج من جامعة دمشق، إذ انتسب إلى وزارة الخارجية في العام 1965 وظل فيها حتى العام ألفين.
ومن خلال مواقع متدرجة صعوداً عرف الكثير من بلاد العالم، ولا سيما ما كان يسمى »المعسكر الاشتراكي« بجناحيه، السوفياتي، حيث باشر الخدمة في موسكو، والصيني حيث أقام لفترة طويلة شهدت التحولات الخطيرة في العقيدة حين تتعرض لامتحان »الظروف الموضوعية«، فتغلب فيها »مصلحة النظام« المموهة بالدواعي الوطنية… وكان قد عرف »الغرب«، ومن موقعه المهني أيضاً.
قرأ لطف الله حيدر كثيراً، وكتب قليلاً جداً، برغم أنه كان غنياً بأفكار الموضوعات الجديرة بقلمه… لكنه لسبب ما لم يكتب، فإن كتب لم ينشر إلا نادراً.
وفي سنواته الأخيرة صار أكثر ميلاً إلى العزلة… وصار يمضي معظم وقته في »الضيعة« التي أنجبت بعض رفاق عمره، وأولهم سعد الله ونوس، وثانيهم حيدر حيدر. يقرأ ويقرأ، ويستذكر فيتوجع، إلى أن جاء رحيل سعد الله فأحس لطف الله انه يرحل معه.
لكأنه مات بقرار منه، تاركاً الإعلان عن وفاته للآخرين.
رحم الله لطف الله حيدر، والعزاء الخالص لأسرته، السيدة أرملته وأولاده، وبالذات زميلنا في »السفير« زياد حيدر.
نبذة عن السفير الدكتور لطف الله حيدر
– ولد لعائلة ريفية في محافظة طرطوس عام ،1940 وتدرج في مدارسها حتى نال الثانوية العامة.
– تخرج من جامعة دمشق ـ كلية الآداب، فسم اللغة الانكليزية عام 1964.
– التحق بوزارة الخارجية السورية عام ،1965 وعمل في السلك الدبلوماسي حتى عام 2000.
– حصل على شهادة الدكتوراه في العلوم التاريخية ـ السياسية من جامعة موسكو عام 1976.
– شغل منصب سفير سوريا في لندن (1982ـ1986)، ثم سفير سوريا في الصين (1990ـ1999).
– نشر له عملان أدبيان في سوريا »الكوخ والحورية ـ رواية« و»النبع الكبير ـ مجموعة قصصية«، إضافة إلى »الصهيونية وفلسطين ـ دراسة تاريخية«.

Exit mobile version