طلال سلمان

لبنان و”بابا نويل”الاسرائيلي

استغرب بعض اللبنانيين، وفيهم مسؤولون كبار ومراجع روحية موقرة، كيف أن «بابا نويل» قد تجاهلهم ولم يضع في أحذيتهم ليلة الميلاد الهدية المرتجاة وهي «السلام»!
وبالطبع وجد من يقول: إن الحواجز السورية المنتشرة على سطوح المنازل قد منعت «بابا نويل» الاسرائيلي من النزول في المدخنة وحرمت اللبنانيين من هدية العيد ومن البحبوحة التي ستنتج عنها!
صار مبررا، إذن، رفع الشعار صريحا: أخلوا سطوحنا، أفرجوا عن المعتقلين السياسيين (بابا نويل)، أطلقوا أيدينا ودعونا نستمتع ببلوغنا سن الرشد، ولتتحرر إرادتنا ولنمارس سيادتنا باختيار «السلام» المؤكد لاستقلالنا الناجز!
وطريف هو هذا الجدل الدائر، داخل مؤسسة الحكم وخارجها، حول موعد استئناف المفاوضات مع إسرائيل، والاتهامات المتبادلة حول المسؤولية عن تأخيره وعن توكيد انفصال المسار اللبناني عن المسار السوري، وكأن القرار في هذا الأمر يتم بمرسوم يصدره مجلس الوزراء، أو برغبة يبديها «الرئيس» ثم ينعقد من حولها الإجماع بالديموقراطية التوافقية!
وأطرف منه هو «الردح» المتصاعد حدة بين المسؤولين حول التصور أو التقصير في إعداد الملفات وتحضير الخرائط والجداول والاحصائيات اللازمة لمفاوضات تنجح قبل أن تبدأ وتعلن نتائجها الزاهرة فور انعقاد جلستها الأولى!
هل من الضروري التذكير أن لبنان قد «فاوض» إسرائيل فعلاً، وبوفد رسمي فيه نخبة ممتازة من كفاءاته الدبلوماسية، وأن تلك المفاوضات التي امتدت ثلاث سنوات إلا قليلاً، لم تنفع إلا في أمر واحد: أنها أكدت أن «الموعد اللبناني» منسي إسرائيليد ومرجأ أميركيد وبالتالي فهو خارج نطاق الاستثمار سورياً،
وهل من الضروري التذكير أن ذلك الوفد الذي لم ينل حقه من التقدير كان قد أعد كل ورقة بل كل سطر في وثيقة محلية أو عربية أو دولية، قد تفيده في مفاوضاته الصعبة مع «شيلوك» سواء في موضوع الحدود أو المياه أو المنطقة المنزوعة السلاح، الى آخر ما يمكن أن يثار من مسائل وإشكالات، ثم منعه التعنت الاسرائيلي من إكمال عرضه لحقوق لبنان في أرضه؟!
من هو هذا «المعلم الساحر» الذي يحرف الإبرة عن مدارها: يكون الموضوع الاحتلال الاسرائيلي فيفتح ملف الوجود السوري!. أو يكون الموضوع التقصير الأميركي حيال لبنان فيفتح ملف التعدد الثقافي وتعاد الى السطح حكاية «الحضارتين» المتعايشتين اللتين تمزقان اللبنانيين الى أخوة أعداء؟!
ألا تكفي دروس الماضي الدموية؟!
وهل يمكن التعامل ببراءة مع هذا التفجير المدروس للخلافات الداخلية كلما اقترب موعد التفاوض مع «العدو» الذي لا يشبه اليوم ولن يشبه غدد «بابا نويل»، ولن يرمي اللبنانيين إلا بالقنابل العنقودية والمسمارية فتخرب مدنهم وقراهم ومواسمهم واقتصادهم ومشاريعهم السياحية أو الإعمارية والأهم: وحدتهم الوطنية.
نختلف قبل التفاوض،
نختلف على التفاوض،
نختلف خلال التفاوض،
نختلف ولا نفاوض،
هل مفاجئ أن يهمل الاسرائيلي أو يتناسى التفاوض مع لبنان؟
وهل مفاجئ أن يطمئننا رون شلايكر الى أن الإعمار الداخلي يتقدم (ويمهد) للتفاوض (المنفصل) مع الاسرائيلي في موعد لا بد آت بإذن ا”؟!
يبقى ان أهم ما أبلغنا إياه شلايكر أن «بابا نويل» الخاص بلبنان «لبناني» ولن يجيء عبر المدخنة!
أما «السلام» فينتظر أعيادد غير محددة المواعيد…

Exit mobile version