طلال سلمان

لا خوف على إیران ولا خوف من السعودیة

لا خوف من القمم في السعودیة لن تضیف إلى الحروب أبشع منها. كل ما تریده السعودیة أن تستدرج الدول العربیة والاسلامیة إلى حروبها برعایة وتأیید وجنون دونالد ترامب. ومع ذلك، فلا خوف من الأفدح. ما نحن فیه من حروب متناسلة سببه الاصرار على الحسم، في ما لا حسم فیه أبداً؟
ثبت بالدلیل المیداني، أن الحرب على الارهاب بصیغة “داعش” هي حرب طویلة ومكلفة. فماذا عن المنظمات والجماعات الاسلامیة التي تقتات فكریاً من الوهابیة، وتنظیمیاً، عدة وعداداً، من مجموعة غیر قلیلة في دول الخلیج وإماراته. ولا خوف أیضاً من تحدید “حزب الله” كمنظمة ارهابیة، فهذه التهمة سابقة على قمم السعودیة الثلاث.
أتكون القمة الأولى، قمة المال والقمم الأخرى هي قمم المواجهة؟ لیس السعودیة في وضع یدفعها إلى التراجع او الانسحاب. هي قائدة محور عربي واسلامي سني وأمیركي دولي. عدوها الأول الجمهوریة الاسلامیة وما یتفرع عنها. اسرائیل لیست في الحسبان. لكنها تشكل مع دول الخلیج “حلفاً” غیر معلن ضد “النووي الایراني”، بصیغته المقاومة.
المعركة مستمرة. إیران لیست في وارد الانسحاب من العراق، ولا التراجع في سوریا، ولا وقف الدعم في الیمن، ولا توفیر اجواء مریحة للبحرین، ولا، وألف لا، أن تترك المقاومة الاسلامیة في لبنان وحیدة. لن تتراجع عما كسبته. وحده الخاسر یقبل التراجع. إیران لیست خاسرة لكن المهمة لم تستكمل بعد.
ولا السعودیة ستتراجع. لدیها مخزون هائل لاستمرار القتال على أكثر من جبهة. انسحابها من الیمن والخلیج وسوریا والعراق وأي مكان لها فیه نفوذ، یعني نقل المعركة إلى داخل حدودها. لم تنته مهماتها القتالیة بعد. قد تطول في حروب استنزاف. قد تخسر قلیلاً. قد تتأخر كثیراً. لكنها واعیة إلى أن خسارة واحدة، تكون فادحة. فهي قابضة على العنف في الیمن. وتؤمن حمایة ملكیة للبحري ودول الخلیج. وتسعى إلى موطئ قدم راسخة في العراق وتخوض حرب وجود ضد النظام في سوریا… ازمة النفط عابرة. ما تزال الدولة الاغنى.
لبنان، ربما هو الوحید في المنطقة، الذي یُمسك النار بید والماء بید أخرى. حكومة تتمثل فیها السعودیة وإیران. یجلسان على مقعد واحد. مجلس نواب، مقیم على هذه الثنائیة، والآتي سیكون مثله. المجتمع بالمعنى: ایراني وسعودي. عبقریة اللبنانیین الفادحة، أنتجت معادلة “سوبر حدیثة”: حاجة كل عدو إلى عدوه. لبنان اختصاصي في ابداع الصیغ: “لبنان ذو وجه عربي”، “لا شرق ولا غرب”، “لا للوحدة ولا لفرنسا”. واللاءات لیسا نفیین، بل لاءات تتعایشان في ظل السلطة… بلد المعجزات لبنان.
غیر أن هذه المرة صعبة. دخلت الولایات المتحدة على خط الحروب الاقتصادیة والمالیة. إذا طبقت الاجراءات المنوي اتخاذها في الكونغرس، فلبنان المالي كله في خطر. الحرب الحالیة أشد فتكاً وتأثیراً من الحروب العسكریة.
لم یحن وقت الحلول. والحلول لن تخرج من السعودیة او من سوریا او من إیران. الحلول، إما من أستانة او من جنیف. والطریق ما زال في أوله. ولا خطوة باتجاه الحل. ولا خطوة أفضل من تهدئة الجبهات، بانتظار “غورو”.
لبنان، یستطیع الانتظار. بإمكانه احداث خروق في الاستحقاقات. وفي كل حال، لا یتوقع أن یجد لبنان حلولاً لأزماته. فهو بلد الاشتباك السلمي وهو صورة لتعایش المتحاربین على الجبهات في سوریا والعراق والبحرین والیمن.
أمة المعجزات هذه الامة. لا یطاق ما فیها من طوائف ومذاهب وأقوام وجهات وفئات ودول تتهافت على حفنة من سلطة، وعلى اتساع رقعة الجنة… للقتلة.

Exit mobile version