طلال سلمان

لا تكذبوا علينا محاربة الفساد ـ مزحة

كتب نصري الصايغ:

الحكومة محكومة.

هي الممثل الشرعي لأحزاب السلطة المزمنة. لا جدوى من إستعادة مآثر النهب والفساد وفظائع الارتكاب.
انها معروفة وبالأسماء، يعني “كلن” وممثليهم في الادارات والوزارات والصناديق والأجهزة والمجالس والبلديات، وخاصة في الوزارات السيادية، ووزارة العدل تحديداً، حيث الملفات خرساء. نعم إلى آخره. فهذه لم تكن بلاداً ابداً، بل مواخير ببضائع مجزية.

صحيح أن لدى اللبنانيين حكومة، ولكنها محكومة من قبل هؤلاء اعلاه، والذين ذكرتهم الانتفاضة بالأسماء. فسكتوا ولم يدافعوا عن أنفسهم. أرسلوا زبانيتهم لتلقين المنتفضين دروساً في التأديب بطرق الزعران.

هذا صار معروفاً ومبتوتاً علاجه رهن بقبضات الانتفاضة، إذا اشتد ازرها وتعاظم عددها وانتشرت حتى بلغت عقر دارهم… عسى الا يتأخر ذلك كثيراً.

الحكومة المحكومة ستخرج على اللبنانيين ببيان وزاري لا يشبه البيانات الخشبية والانشائية. طبعاً ستأتي على محاربة الفساد، وعلى الاجراءات المؤلمة التي زودنا بها فخامته، على انها من ضرورات “الاصلاح والتغيير”، الذي أصبح في ذمة المرحومين من الموتى الاحياء، على حافة الجوع. الارقام تحصين أكثر من 50 بالمئة من اللبنانيين تحت خط الفقر، والاكثرية تداوم على ابواب المصارف، بِذْل يشبه جباه المتسوَّلين العابسة.

لعل في البيان الوزاري ما يشفي غليل المتفائلين، والمتسامحين مع تركيبة محكومة لإعطائها فرصة وعدم الحكم عليها قبل وفاتها او قبل دخولها في النزع الاخير، عندما يصير الانهيار قدراً ومصيراً، لا نخرج منه بعد خمس او عشر سنوات.

هذا الحكم على الوزارة المحكومة، ليس اعتداء عليها، بل هو تدليل على عجزها. ففوق خيمة الوزارة الهشة، قلاع لزعماء 14 و8 آذار. هذه القلاع تجد ركائزها في الوزارات والادارات و… مفاصل الدولة. والدليل، ان توزيع الحقائب الدسمة اعادت الوزارات “لأصحابها”. المالية مصانة، فهي من حصة “امل”، وهي لا تمس، اذ لا يعقل أن يحاسب المرتكب نفسه، ولو كان مندوبه من جنس الملائكة كذلك الكهرباء والطاقة، فهي من حصة صاحب الحق الحصري في تطويب وزارات باتت محسوبة على العهد. وما أدراك ما العهد؟ وزارة الاشغال الدسمة لصاحبها، المرشح الغضبان دائماً على جبران باسيل. وزارة الاتصالات لا تزال في حرج الحريرية السياسية… أما امارة العدل، فقد هجرتها الملائكة، من أزمنة، ومحاسبة المحاسبين فيها، من المستحيلات. ويقال، والكلام على ذمة القائل، انها وزارة الجوارير والملفات الخرساء. وفهمكم كفاية.

فلا تتعبوا. لا تنتظروا. لم يعرف عن أحدهم في الوزارة انه مستعد أن يكون فدائيا، يدفع من حياته، ثمن تجرئه على مفاتيح الخزائن المغلقة في الوزارات.

يا ناس. يا عالم. يا هو. كل الناس تعرف الفساد والفاسدين في لبنان، الا الجهاز المنوط به أن يقيم العدل وان يعاقب المرتكبين نهابي لبنان، من اول أزمته إلى دهر المئة الأولى من حياة لبنان. عمر الفساد في لبنان مئة عام. ولو أن العدالة اخذت مجراها، لضاقت المساحات، لأنه، “ما في حبوس تساع كل الحرامية”.

نصيحة. لا تتفاءلوا. لا تتوقعوا. لا تصدقوا. ليس امامكم الا الساحات. فلنعد اليها ونملأها غضباً. قولاً وفعلاً. المثل يقول، “ما بيشيل الرطل الا رطل وأوقية”.

هذه المأساة السياسية اعلاه، ليست تقاس ابداً، بالكارثة القادمة. ستكافح الحكومة المحكومة الافلاس، ستؤجله، ستتسول وتتوسل. ستفرض على المستضعفين وطفار الطبقة الوسطى ضريبة “الانقاذ المستحيل”.
ستقرع ابواب الغرب. ستتوسل امارات النفط. ستلجأ إلى ارشادات صندوق النقد الدولي الفتاكة، ستظلم الفقراء، وليس لديها ما تقوله للفقراء وحاملي امل الهروب الكبير ومن وطن النكبة. النكبة في فلسطين لها قوى عظمى تبرعت بالارتكاب. النكبة اللبنانية. لها قوى حزبية وطائفية عظمى. البعض يعد فقط، ثلاثين عاماً. العداد يبدأ منذ العام 1920. عمر الفساد في لبنان مئة عام، الأوادم عبروا ولم يتركوا اثرا. الفساد هو الدين الشرعي للطائفية السياسية، والطائفية السياسية دين الدولة، ومن يخرج عليها كافر. فكل العلمانيين والمواطنين واللاطائفيين، هراطقة وكفار. كي تكون لبنانياً، يلزم أن تكون طائفياً، وان لم تكن طائفياً فليس لك حق. أدنى حق. كن طائفيا والتحق بزعماتها، وسيكون لك شأن من حثالة السياسة وبرازها. وعذراً على قلة الحياء. هذا القول أرقى من استعمال الشتائم التي تأباها اللغة، ويعاقب عليها شياطين القانون.

الكارثة على الأبواب. الحكومة تطرق الأبواب. الطغمة السياسية خلف الأبواب. والناس بلا أبواب.

فلتقرع قبضاتكم يا ناس، كل هذه الابواب، وعندها، لا خوف على لبنان.

هل نجرؤ على القبضة الفعلية وشقيقاتها؟

Exit mobile version